طالب حزب الاستقلال، المحسوب على المعارضة، بتفعيل الفصل 103 من الدستور عقب البلوكاج الذي يعيشه البرلمان، منذ الاثنين الماضي، بسبب تعثر المصادقة على مشروع القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين الذي يضم مقتضيات تنص على تدريس المواد العلمية باللغات الأجنبية. وجاءت دعوة حزب الاستقلال، في بلاغ أصدره مساء الأربعاء، حيث يتيح هذا الفصل لرئيس الحكومة إمكانية اللجوء لربط طلب الموافقة على مشروع القانون الإطار لدى مجلس النواب بتصويت منح الثقة للحكومة حتى تواصل تحمل مسؤوليتها. وينص الفصل 103 من الدستور حرفياً على أنه: "يمكن لرئيس الحكومة أن يربط، لدى مجلس النواب، مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها بتصويت يمنح الثقة بشأن تصريح يدلي به في موضوع السياسة العامة، أو بشأن نص يطلب الموافقة عليه". كما يضيف الفصل أنه :"لا يمكن سحب الثقة من الحكومة، أو رفض النص، إلا بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب. لا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على تاريخ طرح مسألة الثقة. يؤدي سحب الثقة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية". وبمعنى آخر، يعطي هذا الفصل سبيلاً لرئيس الحكومة لتمرير مشروع قانون ما في حالة لقي معارضة أو رفضاً من قبل مكونات المؤسسة التشريعية، لكنه ينطوي على مخاطر بالنسبة للحكومة، ولذلك يبقى مستبعداً أن يطبقه العثماني. وأشار بلاغ حزب الاستقلال إلى أن دعوته لرئيس الحكومة بتفعيل مضامين هذا الفصل جاءت "بعد استعراض الحالة السياسية الناتجة عن التداعيات الخطيرة التي أفرزها مسار مناقشة هذا المشروع داخل مجلس النواب من طرف مكونات الأغلبية الحكومية والأزمة التشريعية غير المسبوقة التي تسببت فيها". كما تحدث الحزب أيضاً عن "التراكمات السلبية للحكومة في التعاطي مع قضايا مصيرية بالنسبة لحاضر ومستقبل بلادنا وأجيالنا المقبلة والتي أصبحت رهينة مزاجية أغلبية حكومية غير مسؤولة". وذهب حزب الاستقلال إلى القول أن "التصدع المزمن الذي ما فتئت تشهده مكونات الأغلبية، بما فيها الحزب القائد لها، والذي زادت حدته في الآونة الأخيرة في سياق انتخابوي سابق لأوانه، بتداعياته المتفاقمة على تماسك الأداء الحكومي والعمل التشريعي، له عواقب في إهدار منسوب الثقة لدى المواطن والفاعل، وتعطيل أوراش الإصلاح الملحة، وإضاعة فرص التنمية على بلادنا". وأشار البلاغ إلى أن هذه الأزمة السياسية لها تداعيات خطيرة على مصداقية المؤسسات الدستورية، وخاصة الحكومة والمؤسسة التشريعية، وتضعف منسوب الثقة فيهما. وقال حزب الاستقلال إن التعاطي مع هذا المشروع اتسم بالتذبذب والارتجالية، وهو ما يضرب حسبه "جدية ومصداقية المسعى التوافقي والتفاوضي الذي انخرط فيه حزب الاستقلال بإيجابية من خلال فريقه النيابي، من أجل إخراج هذا الإصلاح الاستراتيجي بما يجعل المصلحة العليا لبلادنا فوق كل اعتبار، ويتفاعل مع الحاجيات والانتظارات الحقيقية للمواطنات والمواطنين كتلاميذ وأساتذة وأسر مغربية، آنيًا ومستقبلاً". وموقف حزب الاستقلال من هذا النقاش هو مضامين الدستور ومقتضياته فيما يخص اللغتين الرسميتين، العربية والأمازيغية، وضرورة إعطائهما المكانة اللازمة في منظومة التربية والتعليم، أما حزب العدالة والتنمية القائد للائتلاف الحكومي فيدافع بشراسة على التنصيص على العربية كلغة للتدريس لوحدها ويرفض أي استعمال للغات الأجنبية في التعليم العمومي. وطفت إلى السطح هذه المواقف المتباينة، ذات الحمولة الأيدولوجية، بين أحزاب الحكومة والمعارضة قبيل اجتماع كان مقرراً المصادقة فيه على هذا النص، حيث خرج عبد الإله بنكيران بتصريح مثير يُحرض فيه برلمانيي حزبه بعدم التصويت على اعتماد اللغات الأجنبية في التدريس، ليتعثر بذلك مسار المصادقة الذي على أساسه دُعي البرلمان لدورة استثنائية.