رفع حزب الاستقلال التحدي الدستوري أمام سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الحائز على أغلبية مقاعد مجلس النواب. ودعت اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال رئيس الحكومة إلى تفعيل الفصل 103 من الدستور لطرح مسألة منح الثقة في حكومته، إذ يتيح هذا الفصل لرئيس الحكومة إمكانية تجديد ثقة البرلمان في الحكومة من خلال ربط مواصلة عمل الحكومة بتصويت على الثقة، طبقا للفصل 103 الذي ينص على أنه "يمكن لرئيس الحكومة أن يربط، لدى مجلس النواب، مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها بتصويت يمنح الثقة بشأن تصريح يدلي به في موضوع السياسة العامة، أو بشأن نص يطلب الموافقة عليه". كما اشترك الفصل أنه "لا يمكن سحب الثقة من الحكومة، أو رفض النص، إلا بالأغلبية المطلقة للأعضاء، الذين يتألف منهم مجلس النواب. ولا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على تاريخ طرح مسألة الثقة. ويؤدي سحب الثقة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية". واتخذت اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال هذا القرار خلال اجتماعها أول أمس الأربعاء، خلال التداول في شأن التطورات الأخيرة للمسار التشريعي لمشروع قانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، واستعراض الحالة السياسية الناتجة عن "التداعيات الخطيرة التي أفرزها مسار مناقشة هذا المشروع داخل مجلس النواب من طرف مكونات الأغلبية الحكومية، والأزمة التشريعية غير المسبوقة، التي تسببت فيها"، معتبرا أن قرار تفعيل الفصل 103 يأتي كذلك انسجاما مع "التراكمات السلبية للحكومة في التعاطي مع قضايا مصيرية بالنسبة لحاضر ومستقبل بلادنا وأجيالنا المقبلة والتي أصبحت رهينة مزاجية أغلبية حكومية غير مسؤولة"، مما يأتي "اعتبارا للتصدع المزمن الذي ما فتئت تشهده مكونات الأغلبية، بما فيها الحزب القائد لها، والذي زادت حدته في الآونة الأخيرة في سياق انتخابوي سابق لأوانه، بتداعياته المتفاقمة على تماسك الأداء الحكومي والعمل التشريعي، وما لذلك من عواقب في إهدار منسوب الثقة لدى المواطن والفاعل، وتعطيل أوراش الإصلاح الملحة، وإضاعة فرص التنمية على بلادنا". واعتبر حزب الاستقلال أن حزب العدالة والتنمية، الذي يقود التحالف الحكومي، أصبح يتسبب في تداعيات خطيرة تمس بمصداقية المؤسسات الدستورية، وخاصة الحكومة والمؤسسة التشريعية. واعتمد حزب الاستقلال في دعوة رئيس الحكومة في تفعيل الفصل 103 من الدستور على المناخ السياسي العام "الموسوم بالعبثية والهشاشة وسوء الفهم الكبير بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية نتيجة الفشل الواضح للأغلبية الحكومية ومعها الحكومة في تحمل مسؤولياتها"، متهما الحكومة بالتذبذب في المواقف، والارتجالية في التعاطي مع مشروع قانون الإطار المتعلق بالتعليم، وهو ما يضرب "جدية ومصداقية المسعى التوافقي والتفاوضي الذي انخرط فيه حزب الاستقلال بإيجابية من خلال فريقه النيابي، من أجل إخراج هذا الإصلاح الاستراتيجي بما يجعل المصلحة العليا لبلادنا فوق كل اعتبار".