أنعشت التساقطات المطرية الأخيرة آمال الفلاحين بجهة مراكش أسفي، خاصة بعد تأخرها لأكثر من ثلاثة أشهر، وقد أعلنت المديرية الوطنية للأرصاد الجوية استمرار الأجواء الغائمة، حيث ستتشكل سحب غير مستقرة مرفوقة بأمطار أو بزخات رعدية فوق مرتفعات الأطلس الكبير. فبإقليم شيشاوة الذي تشكل الجماعات الترابية القروية الجبلية 80% من جغرافيته، عاشت العديد من المناطق منذ يوم أمس السبت وإلى حدود الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد على إيقاع تساقطات مطرية رعدية غزيرة استثنائية، وسجلت بمدينة شيشاوة ومنطقة متوكة والمناطق الجبلية المتاخمة لامنتانوت تساقطات مطرية مهمة، عكستها حمولة وادي امزناس ووادي شيشاوة. وأدت التساقطات القوية التي عرفتها مدينة شيشاوة إلى اضطراب في حركة السير داخل المدينة، وانهيار جزء من الحائط الوقائي المتواجد على مستوى حي أولاد ابراهيم بالطريق السيار الرابط بين شيشاوة والصويرة، وانقطاع الطريق الإقليمية 2026 الرابطة بين الطريق الوطنية رقم 8 وجماعة مزوضة على مستوى جماعة سيدي محمد، ما جعل السلطات المحلية بقيادة السعيدات تعلق حركة السير بسبب قوة مياه الفيضانات تحسبا لأي تصرف يمكن أن يعيد إلى الأذهان جرف فيضانات وادي أمزناس لسائق شاحنة محملة بخلايا النحل، ونجاة شخصين آخرين بأعجوبة، خلال شهر شتنبر من السنة الماضية. ودفعت التساقطات المطرية بالمناطق الجبلية لإمنتانوت لجنة اليقظة بعمالة شيشاوة، تحت إشراف عامل الإقليم، بوعبيد الكراب، إلى استنفار كل الإمكانيات ودعوة مختلف القيادات والمصالح الخارجية والأمنية لمراقبة الوضع عن قرب وحالة الطرقات وحمولة الوديان، تحسبا لأي طارئ طبيعي مفاجئ، من أجل حماية سكان هذه المناطق الجبلية، وإصدار أوامرها للمسؤولين للتدخل لتنظيم السير والجولان بالطرق المحاذية للشعاب والأودية الموسمية. أما بإقليم الحوز، فقد استعادت جبال أوكايمدن حلتها البيضاء، واستبشر سكان هذه المنطقة خيرا، لأن هذه الأمطار الأخيرة ستنعش آمال فلاحين يعيشون على الزراعة والرعي وتربية النحل الذي يقتات على الأعشاب المنتشرة بين هذه المرتفعات. وبهذه المنطقة الجبيلة، شهدت دواوير عدة تساقطات مهمة من الأمطار مصحوبة بالبرد، ما شكل تهديدا بالانهيار لبعض المنازل. وبالإقليم نفسه، أغرق تهاطل الأمطار مركز جماعة لالة تكركوست؛ إذ غمرت المياه مختلف الشوارع متسببة في عرقلة حركة السير والجولان، لأن مجاري الصرف الصحي لم تتحمل الكمية الكبيرة للمياه، ما جعل لجنة اليقظة تستنفر المصالح الخارجية ورجال السلطة ليكونوا في حالة أهبة للتدخل لضمان سلامة السكان. وشهدت منطقة حربيل بإقليم مراكش، أمس السبت، أمطارا قوية مصحوبة ببرد من حجم كبير، ما أثار الفزع والهلع بين السكان، وخاصة الفلاحين الذين يستعدون لجني خضرهم. أما بإقليم الرحامنة، فقد حولت التساقطات مقبرة سيدي الغريب بمنطقة نزالة العظم إلى بحيرة تهدد بطمس معالم القبور. وبمدينة ابن جرير، انتشل رجال الوقاية المدنية، يوم الأربعاء الماضي، جثة رجل خمسيني متزوج وله عدة أبناء، جرفته السيول بالقرب من السد التلي "العرصة"، بعدما لقي حتفه إثر العاصفة الرعدية القوية التي أغرقت المدينة ونواحيها بالمياه التي أفاضت جميع الأودية، كوادي بوشان. يذكر أن هذه التساقطات الأخيرة تعتبر جد مهمة بالنسبة للفرشة المائية وللأشجار المثمرة والزراعات الربيعة بإقليم الحوز، الذي عرف زراعة ما يقارب 9000 هكتار من أشجار الزيتون و400 هكتار من الخروب و2500 هكتار من اللوز و200 هكتار من الجوز، في إطار المخطط الأخضر الذي جاء بفكرة خلاقة تجمع ما بين الحبوب والأشجار المثمرة.