طموحات كبيرة وفرادة عالمية من أجل تحقيق حلم جمع كتبيي المغرب ونظرائهم في سوق الأزبكية (القاهرة) وفي شارع المتنبي (بغداد) وفي زنقة الصّباغين (تونس) وفي ضفاف نهر السين (باريس)، وفي غير هذه الأمكنة التاريخية من كل دول العالم، بقلْب مدينة الدارالبيضاء، ضمن فعاليات معرض دولي للكتاب المستعمل. هذا الحدث الثقافي، الذي بلغ دورته الثانية عشرة وطنيا، يقول عنه يوسف بورا، رئيس الجمعية البيضاوية للكتبيين المنظمة للتظاهرة، "يسهم في إعادة الاعتبار إلى الكتبيين، ليس في المغرب فقط؛ ولكن في جميع أنحاء العالم، ويكون سابقة بالنسبة إلى الثقافة المغربية من أجل تحقيق مزيد من الإشعاع والتفرد"، مبرزا أن "الهدف هو إحياء هذا التراث في صيغ حديثة خدمة للقراءة، باعتبارها حجر الزاوية في كل علم أو أدب أو تربية". ويبرز الكتبي المغربي في حديثه لهسبريس: "تحقيق هذا المشروع، الذي لم يعد مشروعا خاصا بالكتبيين فقط في أفق 2020، يتطلب تضافر جهود جميع المتدخلين وإقناع شركاء المعرض وداعميه بأهمية انفتاح المعرض على الآفاق العربية والدولية وتحقيق حلم جمع كتبيي المغرب ونظرائهم في مختلف دول العالم". المعرضُ الوطني للكتاب المستعمَل بالدارالبيضاء، الذي تنطلق فعالياته بداية الشهر المقبل، باتَ موْعدا سنويّا يفدُ إليه الباحثون عنْ نفائس الكُتب غير المتوفّرة في المكتبات والباحثون عنْ كُتبٍ بأثمنة في المتناول، خاصّة أنَّ الأسعار في أروقة المعرض تنحصر بين درهمين ومائة درهم بالنسبة إلى النوادر، بالإضافة إلى تنظيم ندوات ولقاءات يؤطرها مثقفون وأسماء مرموقة من شتى مجالات الفكر والأدب مجانا، بهدف التشجيع على القراءة واللقاء المباشر مع القراء من كل الفئات والأعمار والآفاق الثقافية. أمّا عدد الكتب المعروضة –حسب بورا- فيصل إلى حوالي 600 ألف عنوان. وأبرز أن "الكتبيين يسهمون في نشر المعرفة بأقل التكاليف، بشهادة عدد من الباحثين الذين عثروا على ضالتهم المعرفية والأدبية في كتب اقتنوها من بائعي الكتب القديمة بأثمان زهيدة، لا تتجاوز درهمين للكتاب الواحد"، مضيفا أن "المغرب يعد البلد الأول السباق إلى تنظيم هذه التظاهرة على مستوى شمال إفريقيا والشرق الأوسط؛ وذلك صونا للذاكرة الثقافية، ودعما لانتشار القراءة في الأوساط ذات الدخل المحدود". ويسعى المنظمون، من خلال دورة هذه السنة، إلى تنفيذ مشروع قرية الكُتّاب أو قرى الكتاب لتجميع الكتبيين في جميع المدن المغربية، وجعل تلك الفضاءات بمثابة نقط جذب ثقافية واجتماعية وسياحية، وإشراك أكبر عدد ممكن من العارضين من جميع جهات البلاد، خصوصا بعد الإصلاح والتوسيع الذي عرفه فضاء تنظيم المعرض، يورد بورا. وبخصوص الدعم المادي للمعرض، كشف المتحدث أن دعم وزارة الثقافة والاتصال لم يتعدّ خلال السنوات الماضية 3 ملايين سنتيم، وأضاف: "على الرغم من الدعم الهزيل، فإن الجمعية البيضاوية للكتبيين تثمن مجهودات الوزارة بالنظر إلى الميزانية الضعيفة، وتلتمس مراجعة حجم الدعم الممنوح للمعرض". ويورد بورا: "المعرض الوطني للكتاب المستعمل لم يعد ملكا للجهات المنظمة، ولا حتى لمدينة الدارالبيضاء وجهتها؛ بل صار ملكا لجميع المواطنين المغاربة، بدليل أنه صار حدثا تشد إليه الرحال من جميع جهات البلاد، من شمالها إلى جنوبها ومن غربها إلى شرقها".