نادت جمعية ثقافية بمدينة ألنيف بإقليم تنغير ببناء وتجهيز متاحف لحفظ وصيانة ذاكرة المنطقة، كما طالبتِ الدولةَ، ممثّلة في وزارة الثقافة والاتصال والمجالس المنتخبة، بتشييد مركّبات ثقافية يمكن لجمعيات المجتمع المدني استثمارها في تنظيم ندواتها وأنشطتها، وتتيح للشباب صقل مواهبهم الفنية. وطالبت جمعية بوكافر للتنمية الاجتماعية والثقافية والبيئية المجالسَ المنتخبة في المنطقة بإيلاء المجال الثقافي ما يستحقّه من اهتمام في برامجها التنموية، واختيار أسماء شهداء معركة بوكافر لتسمية الشوارع والأزقّة والمؤسّسات محليا ووطنيا. كما طالبت الجمعية، ذائعة الصيتِ في الجنوب الشرقي للمملكة، الدولةَ ب"جبر الضرر الجماعي" عن طريق الاستثمار في المنطقة وتوفير البنيات التحتية اللازمة، مجدّدة احتفاءها بالذكرى السادسة والثّمانين لمعركة بوكافر التي تمثّل إرثا لا ماديا وذاكرة تاريخية. ونادت "جمعية بوكافر" باعتذار فرنسي لقبائل وضحايا الحقبة السوداء في تاريخها، وقدمت التحية في هذا السياق ل "كل شهداء المغرب الحقيقيّين"، مشيرة إلى تخليد ذكرى معركة بوكافر التي واجهت فيها قبائلُ الجنوب الشرقي، بزعامة قبائل آيت عطّى، قوى المستعمر الفرنسي بعد أن بسط سيطرته على جميع مناطق المغرب في سنة 1933. تخليد الذكرى السادسة والثمانين للمعركة طيلة أيّام ثلاث بشعار "تضحيات الأجداد تزكي نضال الأحفاد"، هي محاولة لطيّ مسافة البعد بين المغاربة اليوم وبين "الشهداء الحقيقيين للوطن ورموزه"، بالنسبة للجمعية التي تأسّفت في الآن ذاته ل"طمس الذاكرة، وتزوير التاريخ عن طريق إهماله"، معتبرة "إهمال التاريخ من تزويرِه". كما يمثّل هذا التخليد، بالنسبة للجمعية التي تجمع أبناء المنطقة وتؤطّر مجموعة من أنشطتهم الثقافية والمعيشية، ردا للاعتبار لأرواح الأجداد، وتقديرا لهذه الملحمة، وعملا على ترسيخها في الذاكرة الجماعية وحماية الإرث اللامادي وصيانة الهوية. ودعت "بوكافر" ساكنة المنطقة، أي أسامر، والأساتذة والمؤرّخين، والسياسيين، والجمعويّين، وممثّلي الساكنة في المجالس المنتخبة، إلى مراجعة "مقاييس الحقّ والباطل والحفاظ عليها في المواقف والمفاهيم"، مشدّدة على "عدم السماح للزّيف بأن ينفذ للذاكرة"، ولا "للتأويل الأيديولوجي بمَسخِ التاريخ"، حتى يكون الارتباط بالتاريخ وأعلامه ارتباطا بالقيم والرسالة الحضارية التي ضحّى من أجلها الأسلاف الذين استشهدوا في المعركة. هذه الرسالة الحضارية تتمثّل، تقول الجمعية، في "التضحية ونكران الذات في سبيل التحرّر، والأرض، والقيم النبيلة"، وهو ما يقتضي مواصلة نفض الغبار عن هذه الحقبة من التاريخ، مع "الرفض المطلق للعيش على أمجاد الأجداد عن طريق الامتيازات والريع". تجدر الإشارة إلى أن الأيام الثلاثة الأخيرة من الأسبوع الماضي قد شهدت تخليد الذكرى السادسة والثمانين لمعركة بوكافر بألنيف في إقليم تنغير، بتنظيم ندوات حول المعركة، وحفلات تكريمية، وأنشطة تعاونية بين الساكنة، فضلا عن زيارة إلى جبل صاغرو، موقع المعركة.