نظمت كلية العلوم القانونية والاقتصادية بطنجة، بشراكة مع مركز تكامل للأبحاث والدراسات ومؤسسة هانس سايدل، ندوة دولية على مدى يومين في موضوع: "الديمقراطية المحلية، مستجدات وانتظارات"، شارك فيها أزيد من عشرين أستاذا وباحثا في مجال القانون العام بمداخلات مختلفة امتدت على خمس جلسات علمية. وأكد عميد كلية الحقوق بطنجة، الأستاذ محمد يحيا، في افتتاحه لأشغال الندوة، على أهمية الموضوع باعتباره يزاوج بين التأطير النظري للديمقراطية المحلية داخل رحاب الجامعة وممارسة العمل الجماعي في الجماعات الترابية، من أجل العمل على تقديم رؤية نقدية متوازنة للمستجدات التي عرفتها القوانين التنظيمية المتعلقة بالجهات والجماعات الترابية. كما أثنى ممثل مركز تكامل، الأستاذ عبد الرحيم العلام، ومنسق شعبة القانون العام، الأستاذ حميد النهري، في مداخلتيهما، على أهمية العمل المشترك في تنظيم أنشطة علمية متميزة تتناسب مع انتظارات الأساتذة والطلبة في مجال البحث العلمي، وكذلك مختلف الفاعلين المهتمين بالشأن المحلي. وتم توزيع المداخلات العلمية على خمسة محاور أساسية، تناولت مفهوم الديمقراطية المحلية بين النصوص القانونية وواقع الممارسة، خصوصا في ما يتعلق بتنزيل مبدأ التدبير الحر، والديمقراطية التشاركية، والتعامل مع المراقبة الإدارية، والعلاقة بين ممثلي السلطة المركزية والمنتخبين الترابيين، لاسيما بعد إصدار مرسوم الميثاق الوطني للاتمركز الإداري. في هذا الإطار ذكر الأستاذ عبد الحفيظ اليونسي بكلية الحقوق بسطات في مداخلته أن هنالك مجموعة من الاختلالات التي تكتنف تدبير الجماعات الترابية والعديد من الثغرات القانونية التي تستغل لتكريس أدوار وسلطات واسعة للسلطة الإدارية على حساب المجالس المنتخبة، من ضمنها وجود بعض الالتباسات بين بعض مواد القوانين التنظيمية والدوريات التي تصدرها وزارة الداخلية، ما يؤثر على سلبا على الممارسة الإدارية التي لا تنضبط لتراتبية القوانين. في السياق ذاته، قدم الأستاذ أشرف الطريبق، الباحث في القانون العام ومدير مركز هسبريس للدراسات، مداخلة حول مساهمة دستور 2011 في إفراز النخب الإدارية على المستوى الجهوي، وبسط من خلالها إشكالية أساسية تتمثل في من هو الفاعل الحقيقي الذي يتولى صناعة القرار على المستوى الترابي، وأقر بأن الدولة تسعى إلى تعزيز مركزيتها من خلال تكريس دور أكبر للسلطات الإدارية على المستوى المحلي والتحكم في أداء المنتخب، ليستنتج من خلال دراسة قام بها حول مجموع الولاة ورؤساء الجهات الاثني عشر أن توجه الدولة الحالي يعتمد على معايير الكفاءة العلمية والتقنية والتجربة في تدبير الأوراش الإستراتيجية الكبرى في اختيار الولاة والعمال، وهو ما دفع أيضا الأحزاب السياسية إلى تجويد معايير اختيار مرشحيها لسباق رئاسة الجهات باعتماد كفاءات سياسية وتقنية من أجل تحقيق التوازن بين النخب الإدارية والنخب المنتخبة. محمد الزاهي، الأستاذ بكلية الحقوق أكادير، وفي معرض حديثه عن مرسوم ميثاق اللاتمركز الإداري حاول الإحاطة بمجموعة من المصطلحات التي جاء بها الميثاق، والمتمثلة في الالتقائية والتناغم والتنسيق؛ هذا الأخير يأتي كوسيلة للحد من التأثرات التي يمكن أن تحدث داخل الإدارة. وأكد الأستاذ الزاهي ضرورة إسناد آلية التنسيق إلى أشخاص لهم ما يكفي من الدراية والتأهيل، وهو العامل الذي دفع الحكومة إلى منح هذه الآلية (التنسيق) للولاة والعمال، اعتمادا على اختصاصاتهم المحددة في دستور 2011؛ وهو ما انعكس على ميثاق اللاتمركز الإداري الذي ذكر مصطلح التنسيق 22 مرة، مع التنبيه إلى غياب السلطة التقريرية لدى الولاة والعمال، والتي لازالت في يد الوزراء حسب طبيعة المشروع المراد إنجازه. وبعد انتهاء جميع المداخلات التي عرفت مناقشتها تدخلات وتعقيبات من مختلف الحاضرين، ثمنت الهيئات المنظمة مخرجات هذه الندوة، وقامت بتوزيع الشواهد على المشاركين، ضاربة لهم موعدا آخر في السنة المقبلة.