أقرَّ محمد نجيب بوليف، الوزير المنتدب المكلف بالنقل، بأنَّ حوادث السّير، التي تشهدها طرق المملكة يومياً، تمثل معضلة مجتمعية حقيقية تتطلَّبُ حلولاً آنية ومستعجلة من أجل المساهمة في تقليص عدد الحوادث في أفق 2025 بنسبة 50%، مشيراً إلى أنَّه "عازمٌ على الذهابِ في هذا المطْمحِ الكبير إلى أبعدِ نقطة". وأوردَ المسؤول الحكومي، الذي كانَ يتحدث اليوم خلال انطلاق الدورة التكوينية حول الدليل المرجعي لتجهيزات السلامة الطرقية في المجال الحضري –جهة سوس ماسة، أنَّ "الدليل يعد مرجعا مهما بالنظر إلى ما يتضمنه من خصائص تقنية مرتبطة بمجال السلامة الطرقية"، معترفاً بأنّ "السرعة تعتبرُ عاملاً ومسبباً في وقوع حوالي نصف حوادث السير اعتبارًا للتغيير الذي يحدثه عامل استعمال السرعة أثناء السياقة ومضاعفته على السائقين والعربة". ويهدف هذا الدليل، الذي جرى إعداده في إطار عمل تشاركي بين وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء وبين وزارة الداخلية ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة واللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير والمعهد الوطني للتعمير، إلى توفير مرجعية مشتركة لدى مختلف الفاعلين حول تجهيزات السلامة الطرقية بالوسط الحضري وجعل سلامة مستعمل الطريق كأولوية. وأشار بوليف، الذي كان يتحدث أمام مسؤولين مركزيين ومنتخبين جهويين ورؤساء مصالح، إلى أن الدليل المرجعي المتعلق بالسلامة الطرقية في المجال الحضري، يأتي في إطار توحيد المرجعيات المتعلقة بالسلامة الطرقية بالحواضر واستجابة للإستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية الهادفة إلى الحدّ من حوادث السّير. وأوضح الوزير أنه يتمُّ تسجيل ما يقارب ثلاثة أرباع عدد الحوادث في المجال الحضري، وإن كان عدد القتلى لا يتجاوز 20 في المائة، مشيراً إلى أن "الدليل جاء نتيجة مجموعة من الدراسات قامت بها اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير في الوسط الحضري، خاصة حول تمركز حوادث السير في الوسط الحضري". والدليل المرجعي مقسم إلى 14 قسما يضم عددا من التهيئات؛ كتهيئة المدارات الحضرية، وتهيئة الراجلين والتشوير الطرقي والتشوير المتعلق بالأشغال العمومية والمباني العمومية كالمدارس والمستشفيات. وكشفَ المسؤول الحكومي أن المغرب سيحصل على 280 راداراً أمريكياً جديداً، من أجل مراقبة السرعة ومعاقبة المخالفين الذينَ يتسببون في حوادث سير مميتة، مشيراً إلى أن مصالح المراقبة التابعة للدرك الملكي والأمن الوطني ستسفيد من هذه الرادارات الذكية في أقرب وقت ممكن. ويسعى المغرب، في إطار الإستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية (2016 - 2025)، إلى تقليص عدد الوفيات على الطرق ب25 في المائة خلال السنوات الخمس المقبلة وب50 في المائة في أفق سنة 2025، استنادا إلى خمسة رهانات تهم الراجلين وأصحاب الدراجات النارية والحوادث التي تتورط فيها مركبة واحدة والنقل المهني والحوادث التي يذهب ضحيتها الأطفال أقل من 14 سنة. وتروم الإستراتيجية، أيضا، تركيز الموارد المخصصة في هذا المجال على هذه الرهانات، من خلال اعتماد إجراءات واقعية وواضحة تكون كفيلة بتحقيق النتائج المرجوة؛ وهو الرهان الذي ينبغي أن يقوم على مضاعفة الجهد التحسيسي بأهمية انخراط كافة فئات المجتمع في إنجاحه. وفي هذا الصّدد، يشيرُ ناصر بولعجول، الكاتب الدائم للجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير، إلى أن "البنية التحتية يمكنُ أن تكونَ عاملاً في تزايدِ عدد حوادث السير المسجلة مؤخراً، بالإضافة إلى سلوك بعض السائقين والمواطنين الذينَ يسهمون بشكلٍ غير مباشر في وقوع الحوادث في المجالات الحضرية". واعتبر بولعجول أن "الدراسات المنجزة في هذا الإطار بيّنتْ أن نسبة كبيرة من هذه الحوادث تتعلق بالبنيات التحتية في المدن، بالإضافة إلى السبب الأول المرتبط بسلوك مستعملي الطريق"، معتبراً أن "تشخيص هذه الوضعية فرض وجود دليل خاص يمكن الرجوع إليه لاحترام معايير السلامة الطرقية في إنجاز البنيات التحتية في المدن". وتحثُّ اللجنة الوطنية، من خلال إطلاق هذا الميثاق، كافة مستعملي الطريق على بذل جهود إضافية، خصوصاً على مستوى نشر الوعي بأهمية احترام قانون السير ومتطلبات السلامة الطرقية والتحلي بروح المواطنة والمساهمة في الحد من تفاقم حوادث السير والاختلالات السلوكية داخل الفضاء الطرقي.