تتّجهُ العلاقات بين مدريدوالرباط إلى مزيد من الانفتاحِ وتجاوز "خلافات" الماضي التي تعيقُ تطوّرها؛ فقد عبّرَ وزير الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، ونظيره الإسباني، جوزيب بوريل، عن اسْتعدادِ حكومتي البلدين للعملِ على توسيعِ آفاق التعاون الاقتصادي والأمني والثقافي، وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وفتح مجالات أوسع للتعاون المشترك. وقال بوريطة، الذي عقد اليوم الخميس جلسة مباحثات رسمية مع نظيره جوزيب بوريل، في إطار الزيارة التي يقوم بها العاهل الإسباني "ضون" فيليب السادس إلى المغرب بدعوة من الملك محمد السادس، إن "مُباحثات خاصة وغنيّة جمعتْ العاهل المغربي بنظيره الإسباني همّت الروابط المشتركة، بما فيها قضايا الأمن والاقتصاد والمشاكل الإقليمية والجهوية"، مضيفا أنَّ "الزيارة التي يقومُ بها العاهل الاسباني تُترجمُ روح التعاون الذي يجمعُ بين المملكتين". وأورد المسؤول الحكومي الذي كانَ يتحدث أمام الصحافيين بمقرّ وزارة الخارجية أن "الجانب الاقتصادي يمثّل أحد الركائز المهمة لهذه العلاقات، فإسبانيا هي الشّريك التّجاري الأول للمغرب منذ أكثر من 5 سنوات، واليوم هناكَ شبكة قوية للعلاقات بين القطاع الخاص المغربي ونظيره الإسباني"، متوقفاً عندَ وجودِ أزيدَ من 1000 شركة إسبانية في النسيج الاقتصادي المغربي، وأكثر من 20 ألفا أخرى منخرطة في التجارة مع المغرب. وزادَ بوريطة قائلا: "إسبانيا تمثل أيضاً المستثمر الثالث في المغرب، وهذا يدلُّ على أن هناك آفاقا واعدة تنتظرُ البلدين في المستقبل"، معتبرا أن "ما هو ضروري الآن هو أن يتم تعزيز هذه الاستثمارات باستثمارات أكبر وبشركات إسبانية كبرى، وألا تكون هذه الاستثمارات في اتجاه واحد، وذلك في إطار شراكة رابح-رابح"، وفق تعبير الوزير المغربي. وأشار الوزير المغربي إلى أنَّ "نجاح اتفاق الصيد البحري يعكسُ حجمَ التفاهم مع إسبانيا التي لعبت دوراً كبيراً في تثمين علاقات الرباط مع نظرائها الأوروبيين"، وأجاب على سؤال حول ما إذا كان المغرب يخشى أن يدانَ اتفاق الصيد من قبل الحكمة الأوروبية بالقول: "هذه مناورات سياسية في إطار صراع إقليمي وجهوي له ارتباط بموضوع الصحراء وهناكَ اليوم تصويت بالأغلبية على هذا الاتفاق، وهذا يعكسُ احترام المغرب للقوانين الدولية". ووصفَ بوريطة إسبانيا بأنها "شريك استراتيجي طبيعي"، وقال إن الرباط تراهنُ على وجود علاقة أكبر بين الشركات الخاصة في البلدين من خلال محددين أساسين، هما تدفق مزيد من الشركات الإسبانية الكبرى إلى المغرب، وليس فقط الشركات الصغيرة والمتوسطة، وانفتاح إسبانيا على الاستثمارات المغربية. واعتبر المسؤول الوزاري المغربي أن هذه الزيارة ترومُ تعزيز الحوار الثقافي وتقريب وجهات النظر بين البلدين من خلال مجموعة من العروض الفنية والتراثية الإسلامية، متوقفاً في هذا السياق عند الدور الذي لعبته إسبانيا لإنجاح الاتفاقين الفلاحيين مع الاتحاد الأوروبي، مؤكدا أن الجانبين "سيعملانِ على تجاوز كلّ المشاكل التي تعرقل تقدم العلاقات بين مدريدوالرباط عبر الدّفع بهذه العلاقات إلى مستويات متقدمة". وبشأن الهجرة السرية، قال بوريطة: "غالباً ما يعاني المغرب وإسبانيا من القرارات التي تُتخذ في مكان آخر دون استشارة، ويتعين عليهما التصرف بمسؤولية"، وأضاف: "البحر الأبيض المتوسط ملك لنا جميعًا، وبالتالي إما أن يتحوّل إلى مقبرة جماعية أو إلى مكان للتبادل بين الشعوب"، مورداً أن "المغرب أجهض محاولة 90 ألف شخص للهجرة إلى أوروبا"، و"ساعدَ 30 ألف شخص كانوا معرضين لخطر الغرق". واعتبر بوريطة أن "هذه الزيارة التي يقوم بها الملك الإسباني تشير إلى دينامية إيجابية جديدة تعيشُ على وقعها العلاقات المغربية الإسبانية"، مضيفا أن "الجميع يطمح إلى أن تكون هذه العلاقات على أعلى مستوى لأنها علاقات تاريخية لها جذور ما بين الشعبين وما بين القيادات، وسنعمل على هذا الأساس، وسنقوم بتوسيع هامش العلاقات في أقرب وقت ممكن".