رغم مرور أزيد من عقدين على رحيله، لا يزال صدى صرخة الراحل العربي باطما (1948-1997) يتردد، وإن كان بين جدار الفضاء الافتراضي، من خلال "هاشتاغ" انتشر على نطاق واسع بين مستخدمي الشبكات الاجتماعية، تداولوا من خلاله كلمات أشهر أغاني مجموعة "ناس الغيوان". الذكرى الثانية والعشرين لرحيل "باعروب" التي حلت يوم السابع من فبراير الجاري أعادت إلى الأذهان محطات من تاريخ الغيوان، وتفاصيل أغان صنعتها مع هموم المجتمع، وقضايا المستضعفين، وصار صوت "الغيوان" حاملا آهات الجمهور، وناطقا بلسان الواقع المجتمعي والسياسي. فيما ذهبت تعليقات أخرى إلى انتقاد الأغنية الشبابية ومقارنتها بالأغنية الغيوانية، وأدوارها في تناول قضايا المواطن وهمومه، عكس نظيرتها التجارية، التي تتنافس على أرقام نسب المشاهدة. وتشارك نشطاء "فيسبوك" مقاطع لباطما وهو يغني ويعزف على آلة "الكمبري"، وعلق أحدهم على ذلك: "العربي باطما رحمة الله عليه... من الأعماق يصدح صوت با عروب بالنبرة الشجية التي ما زالت تسكن الوجدان". ناشط فيسبوكي آخر كتب معلقا على صورة العربي باطما: "أنا من الناس اللي رغم الألم صعيب يخرجو لي الدموع، تعرضت لمواقف حزينة كثيرة كموت أعزاء على قلبي، أبي، جدتي، رفاقي... وأبت الدموع أن تنهمر. لكنني ذرفت دموعا غزيرة مرتين في حياتي ولم أجد تفسيرا منطقيا لذلك، المرة الأولى عند موت إحدى جاراتنا، وكانت امرأة شابة فقيرة عانت كثيرا في حياتها وتركت أطفالا صغارا، والمرة الثانية عند موت هذا الرجل.. الفنان العربي باطما الذي تحل ذكرى وفاته الثانية والعشرين. لروحيكما السلام فهاد النهار". وتمتع الراحل باطما بمواهب كثيرة بدءا بالتمثيل، مرورا بالكتابة ووصولا إلى الغناء. وقد أسس رفقة أصدقائه في بداية سبعينيات القرن الماضي مجموعة "ناس الغيوان"، التي حققت نجاحا وشهرة تجاوزت حدود المغرب. لم يكن العربي مؤلفا غنائيا، وموسيقيا ومطربا فقط، بل كان أيضا كاتب سيناريو، وممثلا تلفزيونيا، وروائيا شارك في العديد من المسلسلات والأفلام، ونشر سيرته الذاتية "الرحيل". لقب الراحل ب"مجذوب الغيوان" في مرثية ألبوم "ما يدوم حال"، لأنه جمع ذلك في طباعه وشكله ونمط حياته الاجتماعية والفنية. أما شكلا، فقد كان نموذجا للبوهيمية والحرية والثورة: شعر مسدول غزير وأسود، هندام بسيط وزاهد في التناسق في كثير من الأحوال.