يقوم البابا فرنسيس بزيارة تاريخية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، هي الأولى لحبر أعظم إلى شبه الجزيرة العربية، مهد الإسلام، في مسعى جديد لتعزيز الروابط بين الديانتين في منطقة شهدت صراعات دينية وتطرفا متصاعدا في السنوات الأخيرة. لقاء الأخوة الإنسانية وبحسب النائب الرسولي في جنوب شبه الجزيرة العربية، المطران بول هيندر، فإن زيارة البابا، التي تمتد من الأحد إلى الاثنين، تأتي في وقت مناسب من أجل دفع "الحوار" قدما. ويشارك البابا في أبو ظبي، الاثنين، في لقاء ديني مع شيخ الأزهر، أحمد الطيب، وممثلين عن ديانات أخرى، قبل أن يترأس قدّاسا في ملعب لكرة القدم في العاصمة الإماراتية أمام تجمع توقّعت صحف محلية أن يكون الأكبر في تاريخ الدولة الخليجية. ورحّب ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد، الخميس، مجدّدا بزيارة البابا إلى الإمارات، وكتب في حسابه على "تويتر": "نجدّد ترحيبنا برجل السلام والمحبة، البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في دار زايد". وتابع: "نتطلع للقاء الأخوة الإنسانية التاريخي الذي سيجمعه في أبو ظبي مع فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف. يحدونا الأمل ويملؤنا التفاؤل بأن تنعم الشعوب والأجيال بالأمن والسلام". وأعرب البابا فرنسيس من جهته، في شريط فيديو تمّ بثّه الخميس، عن سروره لكتابة "صفحة جديدة من تاريخ العلاقات بين الأديان" بزيارته المرتقبة إلى دولة الإمارات. وأثنى على الإمارات، "الأرض التي تسعى لأن تكون نموذجا للتعايش والأخوّة الإنسانية وللقاء بين مختلف الحضارات والثقافات، وحيث يجد الكثيرون مكانا آمنا للعمل وللعيش بحريّة، والتي تحترم الاختلاف". وتتوقّع السلطات الإماراتية مشاركة أكثر من 130 ألف شخص في قداس يوم الثلاثاء، الأول من نوعه في شبه الجزيرة العربية، الذي سيكون، بحسب وسائل الإعلام المحلية، الأكبر في تاريخ الإمارات. رسالة تعايش وتسامح بدوره، أكد الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير دولة رئيس المجلس الوطني للإعلام، أن "الزيارة التاريخية لقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إلى دولة الإمارات تشكل محطة تاريخية جديدة لنشر مبادئ الأخوة الإنسانية من أرض التسامح والاعتدال التي تقدم نموذجاً في العيش المشترك بين الحضارات والديانات المختلفة، والتي يعيش على أرضها 200 جنسية من مختلف الأعراق البشرية بكل محبة وسلام". وأضاف الجابر في مقال نشرته جريدة الشرق الأوسط، اليوم السبت، أن "اللقاء الذي يجمع بين قطبين من الديانتين الإسلامية والمسيحية على أرض الإمارات يأتي تتويجاً لحالة متميزة من الانسجام الاجتماعي والتعايش السلمي وحوار الثقافات والحضارات التي تشهدها الإمارات في كل يوم من أيامها وتؤكده قيادتها الساعية إلى نشر الأمل والتسامح والخير بين شعوب الأرض دون تمييز على أساس عرقي أو ديني أو مذهبي". واعتبر وزير الدولة الإماراتي أن "لقاء الأخوّة الإنسانية الذي ينعقد في بلادنا ليس لقاء طارئاً، ولا مناسبة منفصلة عن الواقع اليومي لحياتنا، بل هو تأكيد وتكريس لما هو حاصل فعلاً؛ إذ بقيت الإمارات منذ تأسيسها الأمينة على الإرث الحضاري لمنطقتنا، الإرث الذي يؤمن بأن قيم التعدد والشراكة والتعاون هي القيم التي تبني المجتمعات وتعزز نموها، وتضمن لها مستقبلاً مشرقاً، فلطالما كانت قيادة الإمارات حريصة على وسطية الطرح واعتدال النهج، لتجسد معاني الإسلام تجسيداً حقيقياً يعكس سماحة الدين الحنيف، الذي كرس مفاهيم العدل والمساواة دون تفريق ولا تمييز، فالإسلام دين المعاملة الحسنة مع الناس كافة". وأشار الجابر إلى أن "الإمارات تشكل منذ القدم أرضاً للتنوع الحضاري، وهذا ما أثبتته الاكتشافات الأثرية في جزيرة صير بني ياس حيث تم اكتشاف آثار كنيسة تاريخية ودير للرهبان يعودان إلى القرنين السابع والثامن الميلاديين، وتواصلت رحلة التنوع الحضاري في الإمارات لتصبح جزء لا يتجزأ من رسالة الدولة ورؤيتها". وأفاد وزير الدولة الإماراتي في مقاله بأنه "منذ تأسيس الدولة، عمل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، على ترسيخ القيم الإنسانية ومبادئ العيش المشترك كعناصر رئيسة في السياسة العامة للدولة. وكانت، وما زالت، المبادئ الإنسانية الرامية إلى مد يد العون والمساعدة والانفتاح على مختلف شعوب العالم كافة مبادئ راسخة كما أرادها المغفور له الشيخ زايد". وأشار الجابر إلى أنه "ليس من قبيل الصدفة أن تأتي هذه الزيارة في عام 2019 الذي أعلنته الدولة عاماً للتسامح وتأكيداً على مأسسة قيم الانفتاح على الثقافات والشعوب في المجتمع، وطرح تشريعات وسياسات تهدف إلى ترسيخ قيم التسامح الثقافي والديني والاجتماعي وتعزيز خطاب التسامح وتقبل الآخر، إضافة إلى ترسيخ المكانة العالمية للدولة كوجهة تتسم بالتسامح". وشدد وزير الدولة الإماراتي على أن "هذا اللقاء المرتقب يؤكد الدور المحوري الذي باتت تلعبه الإمارات كداعمة لقيم التسامح والتعايش المشترك، والمساهمة في صنع السلم في المنطقة والعالم، والدفاع عن قيم العدل والمساواة بين البشر، ومكافحة كل أشكال التطرف والعنف والكراهية".