لا حديث بين ساكنة مدينة خريبكة والمناطق المجاورة لها، خلال الأيام القليلة الماضية، إلا على موضوع "تغيّر طعم ولون ورائحة" الماء الصالح للشرب؛ وهو ما دفع عددا من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي إلى تداول عبارات الاستنكار والاستفسار حول أسباب التغيرات الملاحظة من جهة، والدعوة إلى رفع شكايات وتوقيع عرائض احتجاجية ضد الإدارات المسؤولة عن توزيع تلك المادة الحيوية من جهة ثانية. غرابة الطعم واللون والرائحة متفاعلون مع الموضوع بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وصفوا رائحة مياه الصنابير بالكريهة، خاصة خلال منتصف الأسبوع الماضي، وشبهوا مذاق ولون الماء بطعم وصُفرة السوائل المتعفنة، مبدين في الوقت ذاته تخوفهم من أن تكون التغيرات التي طالت الماء الصالح للشرب مضرّة بالصحة، أو ناتجة عن خلل ما في إحدى مراحل المعالجة؛ فيما انبرى آخرون للدعوة إلى تنظيم أشكال احتجاجية للمطالبة بإعادة الأمور إلى نصابها. وفي الوقت الذي اتّسعت فيه رقعة الاستفسار والاحتجاج حول الموضوع، وتحول موضوع "الماء المعكّر" إلى حديث يومي ومحط انشغال الساكنة في تجمعاتهم وحياتهم اليومية، طالب "الائتلاف المغربي للصحة والبيئة وحماية المستهلك"، عبر شكاية موجهة إلى عامل إقليمخريبكة والوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بخريبكة، بضرورة إسراع الجهات المسؤولة بإجراء التحريات والقيام بالتحاليل اللازمة لمياه الشرب. أبواب الإدارة مفتوحة تفاعلا مع احتجاج السكان، نظّمت المديرية الجهوية للكهرباء والماء الصالح للشرب-قطاع الماء- بالمنطقة الوسطى، أياما مفتوحة في وجه فعاليات من المجتمع المدني ومستشارين جماعيين وممثلي السلطات المحلية بخريبكة ووادي زم وأبي الجعد وبوجنيبة وحطان وبولنوار، من أجل عقد لقاءات تواصلية تحت الإشراف الفعلي للمدير الجهوي للكهرباء والماء الصالح للشرب، بتنسيق مع السلطات الإقليمية لعمالة خريبكة. وبحضور ومشاركة لجان من المختبرين المركزي والجهوي لمراقبة جودة المياه، شدد المدير الجهوي على أن جودة المياه مرتبطة بمجموعة من المعايير التي يحرص المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب على احترامها بدقة متناهية، ولا مجال فيها للخطأ أو التلاعب، حيث تخضع المياه إلى عمليات مراقبة مختلفة في جميع مراحل الدورة المائية، سواء ما يتعلق بمرحلة "من المصدر إلى صنبور المستهلك"، أو بمرحلة تصفية المياه العادمة ومياه الصرف الصحي بالجهة. صحة المستهلك فوق كل اعتبار أوضح المسؤول ذاته أن المياه تخضع لمعالجة أولية على مستوى مأخذ المياه الخام من أجل التعقيم الأولي لأكسدة المواد الأولية، ومعالجة أخرى فيزوكيماوية بهدف تختير المواد العالقة وترسيب المواد المخثرة وتصفية المياه وتعقيمها. كما يتم اللجوء إلى معالجة تكميلية كلما اقتضت الضرورة ذلك، مشدّدا على أن المياه تخضع لجميع أنواع التحاليل البكتيرية في مختبر حاصل على اعتماد للمعيار الدولي نظرا استجابته لجميع المعايير المتعلقة بكفاءة المستخدمين وطرق الاشتغال ووتيرة ومساطر العمل وبنايات المختبر... وتعاقب على أخذ الكلمة في اللقاء كل من المدير الجهوي، ورئيس قطاع إنتاج الماء، ورئيس مصلحة المراقبة بالمديرية الجهوية، حيث أجمعوا على أن تزويد المواطنين بمياه مضرة بالصحة ولا تستجيب لأدق معايير الجودة يدخل في باب المستحيلات، مضيفين أن صحة المستهلك فوق كل اعتبار، وقطعَ المياه عن الصنابير من أجل إصلاح الأعطاب أفضل وأولى من تقديم مادة حيوية مشكوك في جودتها أو غير خاضعة للمراقبة والتتبع وفق المعايير المحددة من طرف منظمة الصحة العالمية. الطعم بين المياه الجوفية والسطحية وعن التغير الملاحظ في طعم الماء في الآونة الأخيرة، أشار المسؤولون أنفسهم إلى أن الإستراتيجية الوطنية تسير في اتجاه استغلال المياه السطحية والاحتفاظ بالمياه الجوفية للأجيال المقبلة، وهي العملية التي تمت على مستوى مدينة خريبكة والمناطق المجاورة لها منذ حوالي سنة، حيث شُرع في الاستعانة بكمية معينة من مياه سد أيت مسعود إلى جانب المياه الجوفية للفقيه بن صالح، ومن الطبيعي أن يختلف طعمهما بسبب اختلاف نسبة الأملاح المعدنية بهما. وزاد منظمو اللقاء أنه على الرغم من الاختلاف الواضح بين طعم المياه الجوفية والمياه السطحية، وعلى الرغم من تغيّر الطعم بسبب المزج بين مياه سد أيت مسعود والفرشة المائية للفقيه بن صالح، فإن المياه تستجيب لجميع معايير الجودة، وبعيدة كل البعد عن القيمة القصوى المحددة من طرف المنظمة العالمية للصحة، مشيرين إلى أن اللون الأبيض الذي يعتبره البعض دواءً ما هو إلا نِتاج لضغط الماء في القنوات، ولا يتطلب سوى ثوانٍ معدودة لاختفائه وشرب الماء دون أدنى شك في جودة تلك المادة الحيوية وصلاحيتها للاستهلاك. وبعدما استمع المسؤولون إلى أسئلة ومطالب وإفادات المشاركين في اللقاء، قام الجميع بزيارة للمختبر الجهوي لمراقبة جودة الماء بخريبكة، من أجل الاطلاع على كيفية عمل المؤسسة، ومعاينة العمليات والتحاليل المخبرية التي تخضع لها عينات من المياه، من أجل الكشف عن مكوناتها ومدى صلاحيتها للاستهلاك، إضافة إلى التعرف على الإجراءات التي يقوم بها "المختبر المتنقل" في مختلف تدخلاته للسهر على جودة مياه الشرب بمختلف مصادرها.