تسبّبت قضية نزع البرلمانية آمنة ماء العينين لحجابها في ظهور بوادر انشطار داخل حزب العدالة والتنمية، حيث بات الحديث يتمحور حول من يساند أو يخالف الفِعل الذي قامت به، ولم تعد المسألة محصورة بين أعضاء الحزب ذي التوجه الإسلامي فقط، بل صارت قضية رأي عام لأنها تهمّ نقاش الحريات الفردية بالمغرب، ومدى التناقض أو الانسجام الذي يطبع الخطاب السياسي الذي يعكف حزب معيّن على ترويجه لأتباعه. ولوحظ أن صور نزع ماء العينين للحجاب قد جرى تداولها على الصعيد الدولي، فقد استأثرت القضية باهتمام كبريات الصحف الأوروبية؛ إذ شددت صحيفة "إلباييس" الإسبانية، أمس الاثنين، على أن صور القيادية الحزبية أمام الحانة الشهيرة "Moulin Rouge"، قد أحدثت شرخا داخليا وساهمت في بروز نقاش استثنائي حول علاقة الحزب الإسلامي بمسألة الحجاب. وأوضحت الصحيفة الإسبانية ذائعة الصيت أن أنصار حزب العدالة والتنمية يلقون باللوم على "جهات عليا في الهرم السياسي للدولة"، معتبرين أن الغاية من تسريب الصور تكمن في إضعاف القوة الانتخابية للحزب وكسر هيمنته على المشهد السياسي، وهو ما أشارت إليه النائبة البرلمانية في تدوينة سابقة على موقع التواصل الاجتماعي "ّفيسبوك" بقولها: "حرب واسعة ومنظمة استعملت فيها كلّ الأسلحة الثقيلة". في المقابل، أوردت جريدة "El País"، نقلا عن مصادرها الخاصة، أنه عكس ما توحي به تصريحات العديد من القياديين في حزب العدالة والتنمية، في إشارة واضحة إلى مسؤولية جهات مقربة من القصر الملكي في الواقعة، فإن "المؤسسة الملكية بعيدة كل البعد عن الصور التي يتم ترويجها خلال الفترة الأخيرة، لأنها مسألة داخلية ترتبط بصورة الحزب بشكل أعم، وبالنائبة البرلمانية على وجه الخصوص". وأحْيت الصور المتداولة إعفاء عبد الإله بنكيران من رئاسة الحكومة، عقب الاقتراع التشريعي لسنة 2016، بمبرّر عجزه عن تشكيل حكومة ائتلافية بعد مرور نحو ستة أشهر على تكليفه من لدن الملك محمد السادس، ليعرف الحزب توترا داخليا منذ ذلك الوقت بين ما عُرف إعلاميا ب "تيار الوزراء" و"تيار بنكيران"؛ ذلك أن واقعة النائبة البرلمانية ماء العينين، بحسب "إلباييس" التي حاولت إجراء مقابلة معها لكنها رفضت، تدخل في إطار هذا الجدل الحاد. وتطرقت مجلة "L'Obs" الفرنسية بدورها إلى الموضوع، مشيرة إلى حدوث أزمة عميقة داخل حزب العدالة والتنمية، بعدما وُجهت إليه اتهامات مفادها أنه يجيد ممارسة النفاق السياسي، مبرزة أن مواقع التواصل الاجتماعي تحولت إلى ساحة حرب مفتوحة بين المدافعين عن الحزب من جهة، والتيار الذي ينتقد تصرفات النائبة البرلمانية بكل سخرية من جهة ثانية. ولفتت المجلة الفرنكوفونية، التي خصصت مقالات عديدة لنفض الغبار عن "الفضيحة" التي أسالت الكثير من المداد، انتباه القرّاء إلى الانشطار الثنائي داخل الحزب بين تيار عبد الإله بنكيران الذي دافع باستماتة عن القيادية الحزبية، وتيار سعد الدين العثماني الذي شدد على ضرورة الوفاء لمبادئ الحزب الإسلامي.