يُواصل التجار إضرابهم غير المسبوق احتجاجاً على فرض نظام "الفوترة الرقمية" على معاملاتهم التجارية؛ إذ أقفلت اليوم الخميس العديد من المحلات التجارية ودكاكين بيع السلع الغذائية الصغيرة والمتوسطة أبوابها في وجه المواطنين، الأمر الذي شل الحركة التجارية بالعديد من المدن، خصوصا العاصمة الرباط وسلا. وجددت الحكومة اليوم توضيحاتها بخصوص احتجاجات التجار والمهنيين، مؤكدة أن "التجار الخاضعين للنظام الجزافي غير معنيين بأي إجراء يتعلق بالفوترة الإلكترونية، إذ لم يطرأ على هذه الفئة من التجار أي تغيير يذكر". الناطق الرسمي باسم الحكومة، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، مصطفى الخلفي، أكد في الندوة الصحافية الأسبوعية اليوم الخميس أن "النظام المتعلق بالفوترة الإلكترونية الذي يهم التجار الكبار الخاضعين لنظام المحاسبة لن يطبق أيضاً إلى حين صدور نص تنظيمي خاص بهذا الإجراء، وسيتم إعداده بتوافق معهم كما التزمت به الحكومة". وأوضح الخلفي أن رئيس الحكومة "كان قد قدم توجيهات للمصالح المعنية بالتوقف عن أي إجراءات يمكن أن تؤثر على التجار؛ لأن المكانة التي يحتلها هؤلاء أساسية في المجتمع، وهم عصب الاقتصاد الوطني"، مضيفاً أن "الحكومة لا يمكن أن تدخل في أي إجراء ضدهم". وشدد الناطق باسم الحكومة على أن العثماني عازم على معالجة سوء التفاهم بالحوار، وعلى أن أي أمور جديدة طُرحت سيستمر الحوار والنقاش حولها. ورغم طمأنة الحكومة المتواصلة، قال عدد من التجار المضربين اليوم بالرباط، بتعبير دارج، إن إغلاق أبواب محلاتهم في وجه الزبناء جاء "بعدما وصلات لعظم"؛ مضيفين أن "جل المتاجر تعيل على الأقل أربع عائلات بمصاريف يومية باتت صعبة في ظل غلاء المعيشة". وأوضح أحد التجار، في تصريح لهسبريس، أن تداعيات الإجراءات التي تضمّنتها المادة 145 من قانون المالية، والمتعلقة بفوْترة المعاملات التجارية، "سيكون لها ضرر بالغ على مدخول التجار الصغار المحدود بحكم الضرائب الجديدة". ودعا التجار المحتجون بالرباط الحكومة إلى توضيح الأمور أكثر وتبسيطها وشرحها حتى تتبدد المخاوف بشأن الضرائب ونظام الفوترة الإلكترونية. وكان مولاي حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، أعلن عقد مناظرة وطنية حول التجارة شهر أبريل المقبل، لفتح المجال أمام كل المهنيين والتجار لبسط مشاكلهم ومقترحاتهم من أجل مناقشتها في المناظرة الوطنية الخاصة بالإصلاح الجبائي المقررة في ماي القادم. وقال العلمي، في تصريح للصحافة، إن اللقاء تطرق لسوء الفهم الذي استمر لدى التجار، موردا أن "التعريف الموحد للمقاولة، المعروف بice، يتعلق بالتاجر الكبير الخاضع للمحاسبة، أي إن البقال أو التاجر الصغير غير معني بالأمر بتاتاً". وأوضح المسؤول الحكومي أن مراقبة إدارة الجمارك للسلع المنقولة عبر الشاحنات في الطرقات إجراء يهدف أساساً إلى محاربة التهريب الذي يُضعف الاقتصاد الوطني، وشدد على أن هذا الأمر كان أحد أبرز مطالب التجار وجعلته الوزارة ضمن أولوياتها. كما وقعت إدارة الضرائب والجمارك والهيئات الممثلة للتجار على اتفاق سابق، في إطار سعي الحكومة إلى تبديد القلق الذي ساد لدى فئة التجار التي تبلغ قرابة مليون و300 ألف شخص.