لم يُفلِح الاتفاق المُبرم، أمس الثلاثاء، بين الهيئات المهنية الممثلة للتجار من جهة، وإدارتيْ الضرائب والجمارك من جهة ثانية، في وضع حدّ للقلق السائد وسط التجار، والناجم عن إقرار الحكومة العمل بنظام الفوْترة الإلكترونية، كوسيلة لتوثيق المعاملات التجارية بين التجار الصغار وبين الشركات أو تجار البيع بالجملة. ورغم أنَّ الاتفاق سالف الذكر نص على أنّ التجار الخاضعين للنظام الجزافي (الفورفي) أو تجارة القرب عموماً غير معنيين بالفوترة الإلكترونية، ولا يسري عليهم التعريف الموحد للمقاولة، مع إعفائهم أيضاً من تضمينه في فواتيرهم عند البيع والشراء، فإنَّ التجار والهيئات المهنية الممثلة لهم يطالبون بإلغاء المادة 145 من قانون المالية بصفة نهائية. مَطلُب إلغاء المادة 145 من قانون المالية لسنة 2019، التي دفعت بالتجار إلى الانخراط في أشكال احتجاجية وإغلاق محلاتهم في عدد من المدن، يوم أمس، كانَ المطلبَ الذي وحَّد مواقف عدد من الهيئات المهنية الممثلة للتجار، في اجتماع احتضنه مقر جامعة الغرف المغربية للتجارة والصناعة والخدمات صباح اليوم الأربعاء بالرباط، حيث أكد المتدخلون أنَّ الحل الوحيد لتجاوز التوتّر الذي أحدثه سعي الحكومة إلى العمل بنظام الفوترة الإلكترونية هو "إسقاط المادة 145 من قانون المالية". وشنَّ التجار والهيئات المهنية الممثلة لهم هجوما لاذعا على الحكومة، إذ ذهب بعضهم إلى القول إنّها "أعلنت، من خلال المادة 145 من قانون المالية، الحربَ على التجار"، كما اتهموها بعدم نهج مقاربة تشاركية مع الهيئات المهنية الممثلة لهم، إذ قال عمر مورو، رئيس جامعة الغرف المغربية للتجارة والصناعة والخدمات: "الحكومة تتعامل معنا وكأننا غير موجودين". وتحشُد الهيئات المهنية الممثلة للتجار لعقد مناظرة وطنية لطرح كافة المشاكل التي يتخبط فيها القطاع.. "سنحدّد من خلالها سقفا واحدا لمطالبنا، نتخذه أرضية للتفاوض مع الحكومة"، كما قال مورو، مضيفا: "ما تمّ الاتفاق عليه بين الهيئات الممثلة للتجار وبين إدارتي الضرائب والجمارك، جيد، ولكننا نحتاج إلى المزيد". من جهته اعتبر البشير أحشموض، رئيس اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين، أنّ الاتفاق المذكور "يُعدّ مَكسبا للجميع"، لكنه استدرك بأنَّ "قانون المالية لا يجب أنْ يمرَّ بالطريقة التي يمر بها الآن، إذ تنعدم المقاربة التشاركية في إعداده، في خرق لمقتضيات الدستور"، مضيفا: "علينا أن نتشبّث بما تحقق لنا من مكاسبَ ونطالبَ بالمزيد". وتستعدّ الهيئات المهنية التي شاركت في اجتماع جامعة الغرف المغربية للتجارة والخدمات، بالرباط، لعقد اجتماع مع الحكومة، "لأن التجار يرفضون الحلول الترقيعية"، حسب بدر الطاهري، رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة فاسمكناس، مضيفا: "الكلام الذي تردده الحكومة، من قبيل تجميد المادة 145، نرفضه جملة وتفصيلا، ونطالب بحلول صلبة نبني عليها قطاع التجارة الذي يساهم بشكل كبير في الاقتصاد الوطني". وأضاف المتحدث ذاته: "في انتظار الإستراتيجية التي هي في طور الإعداد من طرف وزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي، يجب ألا تُمسَّ مكتسبات التجار، وعلينا أن نفكر جميعا في إطار تشاركي في إستراتيجية لعصرنة التجارة الوطنية والعناية بوضعية التجار، من تغطية صحية واجتماعية، وحل مشاكلهم المتشعبة، كالتعسف الضريبي، والباعة المتجولين، والتي تتطلب حلولا جذرية وشاملة وليس حلولا ترقيعية".