قال محمد اليازغي، الكاتب الأول الأسبق لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إن خيار الاستفتاء في الصحراء كمدخل لحل هذا النزاع الإقليمي "لا يمكن تنظيمه نهائياً بالنظر إلى المشاكل التي طرحت في تسعينات القرن الماضي، المتعلقة أساساً بالذين لهم الحق في التصويت". وأوضح الخبير في شؤون الصحراء، الذي حل ضيفا على هسبريس مساء اليوم الخميس، قائلا: "لما طُرحت مسألة الاستفتاء، تشبثت جبهة البوليساريو بضرورة اعتماد الإحصاء الإسباني على ساكنة الصحراء الذي جرى في مرحلتين (1974 و1967) "لكن الإشكال أن الإسبان لم يحصوا كل أبناء الساقية الحمراء ووادي الذهب لأنه كانت هناك قبائل خارج المنطقة التي شملها الإحصاء". وأشار اليازغي إلى أن المغرب وقتها تشبث بمشاركة جميع أبناء الصحراء في عملية التصويت، بينما رفضت الجبهة مشاركة عدد من الناخبين لشكها في أن هؤلاء لن يصوتوا لصالها؛ ما أدى إلى حدوث أزمة حول هذا الموضوع. عندما انتهت لجان تحديد الهوية وإحصاء المسجلين، يُضيف وزير الدولة السابق، "قيل إن 85 ألفا سيصوتون، لكن بقي ما يفوق عن 100 ألف من أبناء الأقاليم الجنوبية غير مسجلين، وبالتالي توصلت الأممالمتحدة إلى خلاصة أساسية أن الاستفتاء لا يمكن تنظيمه". وأورد الزعيم السياسي الذي عايش مشكل الصحراء منذ نشأته وتطوره أن هذه الأسباب كانت أرضية مقنعة لتخلي الأممالمتحدة عن خيار الاستفتاء، ويقترح مجلس الأمن الدولي فيما بعد مسألة الحل السياسي المتوافق عليه، وضمنيا تم استبعاد الاستفتاء "لأن فرضه سيكون غير ديمقراطي". وشرح اليازغي موقفه البارز في ثمانينات القرن الماضي من الصحراء الذي كلفه السجن، بأنه لم يرفض الاستفتاء الذي قبل به الملك الراحل الحسن الثاني في يوليوز عام 1981، بل "رفضنا الصيغة التي طرح بها ملك البلاد هذا المستجد لأننا اعتبرنا الاستفتاء مسألة سيادية، وأنه يجب أن يُستفتى الشعب المغربي أولاً حول الموضوع قبل إعلانه، وهو ما أدى إلى اعتقال الزعيم عبد الرحيم بوعبيد ومحمد الحبابي وأنا، وحوكمنا بسنة حبسا نافذا في مدينة ميسور آنذاك". قضية الصحراء المغربية لعبت دوراً محوريا في التوافق الذي وقع بين الملكية وحزب الاتحاد الاشتراكي بعد صراعات طويلة بين الطرفين؛ إذ يكشف اليازغي أنه بعد قرار فرانكو سنة 1974 بناء دولة جديدة في الساقية الحمراء وجعلها تابعة لإسبانيا بتوافق مع الجزائر، لجأ الحسن الثاني إلى فتح مشاورات مع قادة الأحزاب السياسية المغربية، من ضمنهم الزعيم بوعبيد. في تلك المرحلة، يستطرد اليازغي، شرع التقارب بين حزب الاتحاد الاشتراكي المعارض والراحل الحسن الثاني، وقال: "زارني بوعبيد عندما كنت في الإقامة الجبرية وأخبرني بأن الملك استشارهم في قضية الصحراء، وكان جوابي أنه إذا اختار الحسن الثاني اختيارا وطنيا فأنا معه، وبالتالي وقع التوافق حول القضية الوطنية، وهو ما خلق وضعا جديدا بيننا ساهم في تطوير الحريات". وعن المستجدات التي يعرفها ملف الصحراء وصولاً إلى لقاءات جنيف بمشاركة جميع أطراف النزاع، أعرب اليازغي عن اعتقاده أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، "شخصية متميزة" في مسار هذا الملف ولديه إرادة حقيقية للوصول إلى الحل. ورداً على المواقف التي عبر عنها مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، أورد الوزير السابق أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هي التي تقوم بإعداد مسودة مشروع قرار مجلس الأمن حول الصحراء، لافتاً إلى أن الصيغة المقترحة اليوم للتوصل إلى حل سياسي متوافق عليه هي من اقتراح الإدارة الأمريكية. وأكمل المصدر قائلا: "نحن بدورنا نتفق مع بولتون بخصوص تأخر الوصول إلى حل، لكننا نختلف معه في الصيغة التي طالب فيها بعودة اللاجئين من المخيمات لأن هناك محتجزين من مالي والنيجر ودول أخرى والجزائر ترفض تسجيل وإحصاء هؤلاء".