أصبحت زراعة الأرز، التي اتصلت بالبلدان الآسيوية ذات التقاليد المرتبطة بهذه الزراعة، تأخذ حيزا أكثر أهمية في الاختيارات الفلاحية لجهة الرباط-سلا-القنيطرة. وعلى الرغم من أن زراعة الأرز ظهرت في هذه المنطقة منذ أربعينيات القرن الماضي، يبدو أنها اتجهت نحو الإقلاع بفضل الجهود التي تبذلها مختلف الأطراف المعنية. وتكتسي هذه الزراعة أهمية سوسيو-اقتصادية لا يمكن تجاهلها باعتبارها تدر مداخيل قارة ل2500 فلاح، وأزيد من 1,2 مليون يوم عمل كل سنة، فقط بالنسبة لمنطقة الغرب. وتقارب المساحة الإجمالية المخصصة لهذه الزراعة 12 ألف هكتار في منطقة الغرب، وتتكون من أراضي مغمورة بالماء. وتشكل زراعة الأرز النشاط الوحيد الذي يمكن من استثمار هذا النوع من الأراضي بشكل أفضل، والتي كانت تعتبر أراضي هامشية قبل تجهيزها. وحسب المديرية الجهوية للفلاحة للرباط-سلا-القنطرة، فإن هذه الزراعة حققت قيمة مضافة إجمالية بلغت 117 مليون درهم سنة 2017، مقابل 83 مليون سنة 2008، أي بارتفاع ملحوظ بنسبة 41 في المئة. وفي هذا الصدد، أكد المدير الجهوي للفلاحة عزيز بلوطي، في تصريح صحافي، أن هذه الزراعة تساهم بشكل كبير في الأمن الغذائي، وتمكن على الخصوص من تأمين التزويد الغذائي، موضحا أن المنطقة تضم ستة حقول لزراعة الأرز، خمسة منها عملية على مستوى منطقتي الغرب واللوكوس. وفي ما يتعلق بالمؤهلات، تطرق بلوطي، على الخصوص، لتنويع الأنشطة ومصادر الدخل من خلال ممارسة تربية الماشية المختلطة (الأغنام والأبقار) بعد زراعة البرسيم (الفصة) مباشرة بعد عملية جني الأرز. ويتشكل نسيج الإنتاج من تعاونيات الإصلاح الزراعي بنسبة 75 في المئة من المساحة المغروسة والمنتجين الملاك أو مستغلي أراضي الجموع، الذين يتوفرون على 25 في المئة. وعلى مستوى منطقة اللوكوس، يتم تأمين الإنتاج من قبل وحدة وحيدة تستغل في المتوسط مساحة 1500 هكتار. وتساهم جهة الغرب بمعدل 75 في المئة من الإنتاج الوطني الذي يغطي حاليا أزيد من ثلثي حاجيات الاستهلاك الوطني. وفي ما يتعلق بالإنتاج في منطقة الغرب، أشار بلوطي إلى أن النتائج تتزايد من سنة لأخرى، لا سيما نتيجة إمكانيات بيع الأرز من قبل مصانع معالجته. وتقدر المساحة المتوسطة المزروعة خلال العشر سنوات الأخيرة بحوالي 7 آلاف هكتار على مستوى المنطقة، مع ارتفاعات مسجلة سنة 2015 (8500 هكتار ) و2017 (8200 هكتار). وحسب المصدر ذاته، انتقلت المردودية من 60 قنطارا في الهكتار خلال الفترة 2001-2005 إلى أزيد من 80 قنطارا في الهكتار خلال السنوات الأخيرة. وتعكس هذه المستويات من الأداء، التي تتجاوز أحيانا مردودية البلدان ذات التوجه المعتمد على زراعة الأرز، المؤهلات المهمة التي تزخر بها منطقة الغرب في هذا المجال، ويناهز الإنتاج الحالي 66 ألف طن من أرز بادي في السنة. ويهم التنوع أيضا أصناف الأرز المستدير والمتوسط والطويل الحبة، ويتميز باستخدام أسمدة ذات جودة مشهودة وتستفيد من دعم الدولة في إطار صندوق التنمية الفلاحية والعقد البرنامج الخاص بهذه الزراعة، بمعدل 50 في المئة من كلفة الأسمدة، مع تحديد سقف 600 درهم للقنطار. وذكر بأنه بهدف تشجيع تأهيل زراعة الأرز وتحسين شروطها، تم توقيع عقد برنامج في أبريل 2014 في إطار مخطط المغرب الأخضر بين الحكومة والفدرالية الوطنية المهنية للأرز تهم الفترة 2014-2020. وساهم هذا العقد البرنامج، الذي تم في إطار مخطط المغرب الأخضر، بشكل ملحوظ في إقلاع القطاع، بعد أن عرف منحى تنازليا خلال الفترة ما بين 2010 و2014. وتميز هذا الإقلاع بتحسن الإنتاجية وتنظيم القطاع، الذي يعد حاليا أحد النماذج الأكثر نجاحا وتنظيما والأكثر أهمية على الصعيد الوطني. وبالنسبة للسنوات المقبلة، يرتقب أن تصل الكلفة الإجمالية للاستثمار إلى 270 مليون درهم، منها 182 مليون مساهمة من الدولة (67,4 في المئة) و88 مليون على شكل مساهمات المهنيين. ويبقى الأرز، الذي يعرف بخصائصه الصحية، مصدرا لا محيد عنه للألياف والفيتامينات (ب1 و ب3 وب5) والمعادن. وتم بالمغرب بذل حهود كبيرة بغية تعزيز حضور الأرز ضمن فئة الحبوب، لكن يتعين القيام بمزيد من العمل في هذا الاتجاه. * و.م.ع