كشف رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، مساء اليوم الاثنين، سياق دعوة وزارة الداخلية للمركزيات النقابية بعد غد الأربعاء، بعدما أثارت خطوة "وزارة لفتيت" الكثير من الجدل حول تخلي رئاسة الحكومة عن صلاحياتها في ملف الحوار الاجتماعي. وقال العثماني، ضمن الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بمجلس النواب، إن حكومته حريصة على إنجاح الحوار الاجتماعي مع جميع الفرقاء الاجتماعيين للتوصل إلى نتائج معقولة ومنطقية، مشيرا إلى أن دخول وزارة الداخلية على خط "البلوكاج" جاء بتكليف من رئيس الحكومة "رغم أن الوزير لفتيت لم يكن متحمسا لهذه المبادرة"، بتعبيره. وأضاف العثماني: "اتفقنا مع وزير الداخلية لكي يواصل جولة الاتصالات مع النقابات، ولا يوجد أي اتفاق سيوقع معهم إلا بحضوري"، في جواب ضمني على ما راج على لسان بعض القيادات النقابية من كون "الداخلية هي التي تحكم وتقرر في كل شيء". وأشار رئيس الحكومة إلى أنه قام باتصالات مع وزير الاقتصاد والمالية والاتحاد العام لمقاولات المغرب بخصوص مطالب النقابات، مردفا أنه يتمنى التوصل إلى اتفاق مع المركزيات النقابية لتثمين جهود الموظفين والعمال. لكن العثماني لمح إلى أن عدم التوصل إلى اتفاق مع النقابات خلال السنة الجارية لا يعني نهاية العالم بقوله: "سنصل إن شاء الله إلى الحل ولو في آخر سنة من عمر الولاية الحكومية". ولم يكشف رئيس الحكومة إن كان هناك عرض جديد سيتم الإعلان عنه. وردا على حالة الغليان التي يعيشها الشارع وتزايد رقعة الاحتجاجات القطاعية، بتعبير فرق المعارضة، قطر العثماني الشمع على الحكومات السابقة، وقال: "هناك إضرابات واحتجاجات فعلا ونحن ننصت إليها، لكن لا أعتقد أنها تصل إلى حجم الإضرابات في 2009 و2011". وفي محور "تقييم أداء الاستراتيجيات القطاعية"، أشاد رئيس الحكومة بحصيلة تنزيل عدد من المخططات القطاعية التي تهدف إلى "تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحسين مستوى عيش المواطنين والاستجابة لحاجياتهم الحقيقية"، من قبيل مخطط التسريع الصناعي (الصناعة)، ومخطط المغرب الأخضر (الفلاحة)، والمخطط الأزرق للسياحة، ومخطط رواج (التجارة)، والاستراتيجية الطاقية للمغرب. وأوضح العثماني في عرضه أن تنفيذ هذه الاستراتيجيات القطاعية ساهم في تعزيز دينامية التشغيل، "ما أدى إلى إحداث فرص شغل مكنت إلى غاية الفصل الثالث من سنة 2018 من إحداث 122.000 منصب شغل صاف، 118.000 منها بالوسط الحضري، و4.000 بالوسط القروي، مقابل 78.000 منصب شغل سنة 2017". وأردف رئيس الحكومة أن "المغرب مستمر في جاذبيته كوجهة صناعية ذات مصداقية وتنافسية عالية"، معتبرا أن "استقرار شركات رائدة، لا سيما في صناعة السيارات والصناعات المرتبطة بالطيران، مكن من إحداث المزيد من فرص الشغل في هذا القطاع". وتابع المتحدث أن قطاع صناعة الطيران بالمغرب مكن من إحداث 15500 منصب شغل برسم سنة 2017، لافتا إلى أن المملكة أصبحت وجهة مفضلة لشركات عالمية كبرى، على رأسها مجموعة "بومباردي" العملاقة، إضافة إلى شركات كبرى متخصصة. وعلى مستوى النمو، توقع العثماني أن تصل نسبته 3,1% سنة 2019، مقابل 1,1% سنة 2016 و4.1% سنة 2017، معتبرا هذا التحسس يعزى إلى "أداء القطاع الفلاحي وكذا انتعاش الأنشطة غير الفلاحية التي يرتقب أن تتجاوز نسبة نموها 3,1% سنة 2018، بعدما كانت تتراوح بين 2 و3% منذ الأزمة المالية لعام 2008". وأكد العثماني أن مواصلة تنزيل استراتيجية "المغرب الأخضر" مكنت من تحسين القيمة المضافة للقطاع الفلاحي لتستقر في حدود 15,4 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2017. وزاد أن الناتج الداخلي الخام للقطاع الفلاحي عرف تطورا ملحوظا بمتوسط نمو سنوي بلغ 5,25%، ليصل إلى 125 مليار درهم في 2018، أي بزيادة قدرها 60% مقارنة مع سنة انطلاق المخطط (2008)، كما ساهم تحسن مردودية القطاع في تنويع العرض والانفتاح على أسواق جديدة، حيث تضاعفت قيمة الصادرات الفلاحية بين عامي 2008 و2017 لتصل إلى حوالي 33 مليار درهم.