ما كادت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية تخرج من الصراع الذي احتدم بين عميد الكلية بالنيابة السابق، الحبيب الدقاق، وأساتذة الكلية، حتّى دخلت الكلية العريقة التي تخرّج منها الملك محمد السادس في رَتابة التسيير المؤقت، إذ لمْ يتمّ، إلى حدّ الآن، تعيين عميد رسمي لها. المثير في موضوع الفراغ الذي تعيشه كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط، على مستوى الإدارة، هو أنّ مباراة انتقاء عميد الكلية جرَت منذ مدّة، وأعلنت أسماء المرشحين الثلاثة الذين حظوا بثقة لجنة رأسَها سعيد أهراي، رئيس المحكمة الدستورية، لكنْ لمْ يتمّ إلى حدّ الآن تعيين أي منهم في منصب عميد الكلية الفارغ. المرشحون الثلاثة الذين من المفترض أنْ يعيَّن أحد منهم عميدا لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط هم سعد بالبشير، الذي حلّ ثالثا في الترتيب، وتوفيق يحياوي، الذي حلّ ثانيا، والحبيب الدقاق، الذي جاء أوّلا؛ لكنّ ترشُّح هذا الأخير يُقابل بالتحفظ من طرف مجلس الجامعة، على اعتبار أنّه مُقبل على التقاعد. فراغ منصب عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط أثّر كثيرا، حسب مصادر هسبريس، على السير العادي لهذه الكلية العريقة، حتى في أبسط الأمور؛ ومن ذلك، مثلا، أنَّ الطلبة حينما يحتاجون إلى نسْخ الأوراق والكتب والبحوث يضطرون إلى "الطواف" على مراكز النسخ في حي أكدال، لأنّ مَركز النسخ داخل كلّيتهم مُغلق منذ سنوات ولمْ يُعَد فتحه. يَستغرب كمال لعفر، رئيس منظمة الطلبة التجمعيّين، كيف أنّ كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط تُسيَّر منذ عهد وزير التعليم العالي السابق، محمد حصاد، من طرف عميد بالنيابة، ثمّ عميد مؤقت، كما هو الحال الآن، قائلا: "هذه حلول ترقيعية". وذهب لعفر إلى القول إنّ عدم تعيين عميد رسمي للكلية، التي يشغل الآن منصبَ عميدها المؤقت زكرياء أبو الذهب، "هو إعدام لأعرق مؤسسة جامعية في المغرب، تخرَّج منها غالبية الأطر المغاربة الذين يتقلدون مناصبَ سامية في البلد". من جهته قال محمد بنساسي، رئيس الاتحاد العام لطلبة المغرب، إنّ التأخير الذي طال تعيين عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال أثَّر بشكل كبير على سيرها وأدائها ومردوديتها، خاصة في السنوات الأخيرة. وقال بنساسي في تصريح لهسبريس: "لقد عاشت الكلية مرحلة صعبة عرفت فيها تجاوزات كبيرة واختلالات عميقة وصلت معها إلى شلل تام على مستوى كافة مرافقها، وخاصة في عهد العميد بالنيابة السابق الأستاذ الحبيب الدقاق الذي تمت إقالته على خلفيتها وتعيين عميد مؤقت جديد". بنساسي وصف، بدوره، السياسة التي تنجها الجهات المسؤولة عن انتقاء مسؤولي المؤسسات الجامعية، وهي وزارة التعليم العالي، والحكومة، التي تصادق على التعيينات الأسماء المُقترحة، ب"سياسة الترقيع"، لافتا إلى أنّ كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال "تزخر بأطر وطاقات كبيرة وكفاءات وقدرات عالية من شأنها تدبير وتسيير الكلية على أكمل وجه". وشهدت السنة المنصرمة صراعا محتدما بين أساتذة كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، مع العميد بالنيابة السابق، الحبيب الدقاق، وصل إلى حدّ تهديد الأساتذة بمقاطعة الدراسة، ما دفع بالوزير سعيد أمزازي، الوصي على القطاع، إلى إعفاء الدقاق، أواخر شهر يوليوز الماضي، لتدخل الكلية في فراغ إداري جديد لازال مستمرا إلى اليوم. "لقد كان أملنا كبيرا في أن يتم الالتفات إلى هذه الكلية وإعطائها المكانة التي تستحقها، عبر تعيين عميد جديد لها له من الكفاءة والمَقدرة ما يمكّنه من التدبير والتسيير الجيد لها، وفق مقاربة تشاركية واضحة مع مختلَف مكونات المؤسسة الجامعية، من طلبة وأساتذة وإداريين وأعوان"، يقول محمد بنساسي، لكنّ أفُق تحقُّق هذه الأمنيّة لم يَلُح بعد. ويتساءل طلبة كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال عن سبب تأخير تعيين عميد جديد للكلية. وكان السبب الذي راجَ أنه كان وراء التأخر هو أن الوزير الوصي على القطاع كان يُعطي الأولوية لتعيين رئيس جامعة محمد الخامس، التي تتبع لها الكلية، وجرى تعيين رئيس الجامعة قبل شهْر، في حين لازال منصب عميد كلية الحقوق شاغرا، علما أنّ مباراة عمادة الكلية سبقت مباراة رئاسة الجامعة. ويرى كمال لعفر أنَّ تأخّر تعيين عميد جديد لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال "تدفع المؤسسة ثمنه غاليا"، مضيفا: "يوميا نتوصل بملفات اختلالات، لكن لمَن ستحَمَّل المسؤولية ومَن سيفتح بحثا فيها في ظل غياب عميد رسمي مسؤول عن المؤسسة". في الإطار ذاته قال محمد بنساسي: "الجهات الوصية لازالت لم تستوعب بعد رهان التعليم العالي ببلادنا، وتقاعُسها غير المبرر هذا ستكون له تداعيات خطيرة في المستقبل المنظور"، وأضاف: "من غير المعقول أبدا أن كلية من حجم كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، التي من المفروض أن تحظى من قبل الجهات الوصية باهتمام خاص، بالنظر لإلى عراقتها ومكانتها ورمزيتها، تعرف اليوم كل أشكال وأنواع الإهمال والتهميش. ورغم المجهودات الجبارة التي يقومون بها نواب العميد بالنيابة، والكاتبة العامة، إلا أنها تبقى غير كافية للرقي بالكلية إلى المستوى المأمول".