المخزن المغربي ورقم"20": من حق المخزن المغربي أن يتطيّر ويتشاءم ولا تَطَيُّرَ في الإسلام من رقم "20"، فقد ارتبط به الحراك الشعبي حركة 20 فبراير الذي أربك كل حسابات المخزن ومخططاته، وهو الذي ظن أنه تجاوز مرحلة تثبيت قواعد حكمه، وشرع في ترتيب أركان النظام السياسي ضمانا للاستقرار والاستمرار؛ فإذا بالعشرينيات تتوالى على المخزن: 20 فبراير وإعلان ميلاد إطار سياسي شعبي من رحم المعانات والإقصاء والتهميش مطلبه إسقاط الفساد والاستبداد في إطار "الشعب يريد ..."، و20 مارس التي من خلالها أعلن الشعب أنه يريد إصلاحا غير منقوص وكرامة غير مخدوشة، و20 نونبر التي لم تخل من دلالات عدة نستجلي بعضها. 20 نونبر السياق: تمثل 20 نونبر محطة وطنية متميزة دالة ومفصلية في مسيرة الحراك الشعبي بدءً من 20 فبراير ومرورا ب 20 مارس و24 أبريل و22 ماي و26 يونيو و17يوليوز و25 شتنبر و23 أكتوبر. مسيرة احتجاجية شعبية راكمت من خلالها حركة 20 فبراير تجربة ميدانية غير مسبوقة في الحياة السياسية المغربية، ونجحت بعد تسعة أشهر فقط في اكتساب زخم شعبي أربك حسابات المخزن وتوقعات دهاقنته؛ لقد تحولت في هذا الزمن القياسي من حركة عفوية يُشفق عليها من بطش المخزن وتنكيله إلى عنصر فاعل ومعتبر في المعادلة السياسية. ألم يُضطر المخزن لاستعمال كل أوراقه ووسائله لمواجهتها؟ ألم تلجئه إلى تعديل أجندته السياسية: تعديل الدستور، انتخابات سابقة لأوانها. 20 نونبر الرسائل: ب20 نونبر تضيف حركة 20 فبراير رقما عشرينيا جديدا، وب20 نونبر يخطو الحراك الشعبي المغربي خطوة على درب إسقاط مسلسل العبث السياسي. فإذا كانت محطة 26 يونيو تكفلت ببعث رسائل رفض شرائح شعبية واسعة لمهزلة فاتح يوليوز فإن 20 نونبر أكدت أن الشعب مثلما قاطع عبث فاتح يوليوز باعتباره أصلا، سيقاطع يوم 25 نونبر الفصل الأخير من مسرحية استحوذ فيها المخزن على كل الأدوار والوظائف: تأليفا وحوارا وتشخيصا وإخراجا وتسويقا. رغم حملات التضييق والاعتقال والقمع التي دشنتها الأجهزة الأمنية تطبيقا لتصريح الناطق باسم الحكومة، حيث توعد من تُسول له نفسه النيل من قدسية صناديق الاقتراع بالويل والثبور، ورغم مسلسل التنكيل بالمعارضين للعرض المخزني، ورغم الضجيج الانتخابوي في الإعلام الرسمي، ورغم صعوبة أحوال الطقس وسقوط أمطار خير غزيرة مدينة بني ملال نموذجا لبى الشعب المغربي نداء الكرامة وانتظمت جموعه الغفيرة في رسالة واضحة للمخزن وأعوانه على "مامفاكينش" وعلى الإصرار للمُضي قُدما لاستئصال الفساد والاستبداد. مسيرات غطت ربوع الوطن وقالت بلسان واحد: "مامصوتينش" ليتعرى مشروع النظام "الإصلاحي" من أي سند شعبي، ويُضطر المخزن لاستعمال احتياطه الاستراتيجي لفبركة النتائج ونسب المشاركة. مسيرات خيبت مسعى المخزن وأبانت أن الشعب بلغ درجة التشبُّع والإشباع من مصادرة إرادته وإقصاء اختياره. الشعب اليوم قال كلمته، وأقسم من خلال مسيرات 20 نونبر أن يقاطع مهازل انتخابات سارت بفضائحها الركبان، ويوم الاقتراع لن يُعز المخزن، بل سيُهان.