يحارب العالم بأسره من أجل مناهضة العنصرية، وتناضل جمعيات حقوق الإنسان والمؤسسات الرياضية لمحاربة هذه الظاهرة، بغية العيش في بيئة خالية من العنصرية والتمييز، مهما كانت الاختلافات الدينية أو العرقية. وعلى النقيض من ذلك، تتأذى كرة القدم من سلوكات مشينة يتعرض لها بعض لاعبي كرة القدم والممارسين للرياضة بصفة عامة، لتضرب عرض الحائط كل الجهود المبذولة في هذا الصدد للحد من الظاهرة. وتتأثر كرة القدم خاصة بتصرفات غير محسوبة لبعض الجماهير، مهما اختلفت حضارة البلد، ومهما بلغ من الرقي، والأمثلة لا تعد ولا تحصى في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، أو حتى في إنجلترا، معقل "الساحرة المستديرة"، دون استثناء بعض الدول العربية، ومن بينها المغرب. أوصاف قدحية وعنصرية للاعبي الدوري المغربي أقوى سلاح معتمد لإفقاد اللاعبين تركيزهم هو تلقيبهم بأسماء مستفزة، إذ إن بعض "المشاكسين" من جماهير الأندية يختارون اسما للاعب ما وينشرونه في المدرجات، ليصبح متداولا لدى عامة الناس ويثير غضب أحد الموجودين في الملعب. وهذه الحالة طاغية بشكل كبير، إذ يتذكر الجميع كيف كانت جماهير البيضاء تهتف باسم "بيبيا" في وجه مدافع الجيش الملكي السابق حسين أوشلا، ومصطفى لمراني، مدافع المغرب الفاسي أيضا؛ وكان هدفها من خلال هذه الصيحات هو التشويش وخلق نوع من التأثير المعنوي على اللاعبين. وعلى غرار "بيبيا"، فاللاعب الدولي السابق سعيد فتاح بدوره عانى بسبب عبارة "قريقيبة" التي رافقته طيلة مساره، بعدما انطلقت بوادر هذه التسمية من جماهير الرجاء التي لعب لها سابقا، وانتقل بعدها إلى الغريم الوداد في واحدة من المشاهد التي لا يتحملها أبناء البيضاء. لقب آخر عرف به كل من اللاعب السابق للرجاء زكرياء السليماني، ومدافع أولمبيك خريبكة زكرياء أمزيل، إذ طاردت تسمية "مهند" اللاعبين في كل المباريات التي خاضاها، خصوصا في المباريات التي تعرف حضورا جماهيريا كبيرا؛ وهو اللقب الذي كان يحمله ممثل تركي وسيم في أحد المسلسلات المدبلجة. عبر هذه التسمية حاولت الجماهير إضعاف اللاعبين والتأثير على تركيزهما، إذ تحمل عنصرية كبيرة يجهلها أغلب المناصرين. المحترفون المغاربة والعرب والأوصاف البذيئة ضد الإسلام لم يسلم مغاربة أوروبا وعربها من "فيروس" العنصرية، المعادية للإسلام خاصة، إذ سجلت الكرة الفرنسية نقطة سلبية بعدما تعرض الدولي المغربي السابق كمال شافني لموقف غريب مع حكم الراية، الذي وجه كلمات عنصرية للمغربي في مباراة فريقه "أوكسير" أمام "بريست" في الدوري الفرنسي سنة2011، إذ اعترض على أحد قراراته، ليرد عليه: "أغرب عن وجهي يا عربي"؛ قبل أن ينتفض شافني ضد هذا السلوك، ليتعرض بعدها للطرد. ولم يسلم نجم المنتخب المصري سابقا، والمدرب الحالي أحمد حسام "ميدو"، من هذه الظاهرة، ففي سنة 2007، وعندما كان يلعب المهاجم ل"ميدلسبرا" الإنجليزي أمام "نيوكاستل" في الدوري المحلي، قامت جماعة مروجة للعنصرية ضد المسلمين بالهتاف ضده وطالبته بالرحيل هو وكل المسلمين عن أوروبا واصفة إياه ب"الإرهابي". صيحات عنصرية في حق نجوم العالم "صيحات القرد" باتت تشكل عائقا للاتحادات المشرفة على بطولات العالم، وأيضا ظاهرة تتكرر باستمرار في حق نجوم العالم من مختلف الجنسيات، إذ عانى الدولي الفرنسي بليز ماتويدي، لاعب وسط يوفنتوس، من أحداث مماثلة مرتين، في يناير 2018 في المباراة أمام كالياري، وفي دجنبر 2017 على أرض هيلاس فيرونا. وخلال موسم 2016-2017، ترك الدولي الغاني سولي علي مونتاري، الذي كان يلعب وقتها مع بيسكارا، أرضية ملعب كالياري بعدما كان أيضا ضحية لهتافات عنصرية، لينال عقابا على تركه الملعب إنذارا ثانيا وأوقف لمباراة واحدة، قبل أن يتم إلغاء العقوبة عند الاستئناف. وواجه لاعبون آخرون المصير ذاته، أبرزهم العاجي زورو، الغاني كيفن برينس بواتنغ، النيجيري أكيم أومولادي، والكاميروني صامويل إيتو، وكذا الإيطالي ماريو بالوتيلي، دون أن يؤدي ذلك إلى فرض عقوبات حقيقية. كوليبالي آخر المتضررين تعد إيطاليا من بين الدول الأكثر عنصرية في كرة القدم، وعاشت أياما سوداء في السنوات الماضية، آخرها الأربعاء الماضي، بسبب الصيحات العنصرية المتكررة تجاه مدافع نابولي الدولي السنغالي كاليدو كوليبالي، الذي استهدفته "صيحات القردة" مرات عدة خلال المباراة. * لمزيد من أخبار الرياضة والرياضيّين زوروا Hesport.Com