أثارت الهتافات العنصرية بحق لاعب يوفنتوس مويز كين خلال مباراة ضد كالياري الثلاثاء، انتقادات واسعة للمشجعين على خلفية تكرار هذه الظاهرة في الملاعب الإيطالية، وأيضا لمدربه ماسيميليانو أليغري وزميله ليوناردو بونوتشي اللذين حملاه جزءا من المسؤولية، قبل أن يعود الأخير ليل الأربعاء لتوضيح ما أدلى به. وكان كين (19 عاما) بشكل أساسي، وزميلاه الفرنسي بليز ماتويدي والبرازيلي أليكس ساندرو، عرضة ل « هتافات القردة » من مشجعي الفريق المضيف خلال المباراة التي أقيمت ضمن المرحلة الثلاثين من الدوري، بعد تسجيله هدف تأكيد الفوز لفريقه في الدقائق الأخيرة (2-صفر). وأعادت هذه القضية تسليط الضوء على تكرار ظاهرة التعامل العنصري مع اللاعبين ذوي البشرة السوداء في أوروبا عموما وإيطاليا خصوصا، والمفارقة أنها أتت بعد ساعات من تصريحات لرئيس الاتحاد الأوروبي للعبة السلوفيني ألكسندر تشيفرين، انتقد فيها تزايد هذه الممارسات. وما زاد من حدة الانتقادات لما جرى في ملعب مباراة الأمس، هو الطريقة التي تعامل بها يوفنتوس مع الهتافات، لاسيما لجهة اعتبار أن مويز هو لاعب شاب وعليه أن يتعلم القيام بالأمور بشكل أفضل، وذلك على خلفية طريقة احتفاله بالهدف عندما وقف في مواجهة المشجعين فاتحا ذراعيه. وقال أليغري « هو لاعب شاب وعليه أن يتعلم، لكن بعض الأمور من الجمهور يجب ألا نسمعها »، في إشارة الى ضرورة عدم التلفظ بها. أما بونوتشي مسجل الهدف الأول ليوفنتوس، فاعتبر أن « كين يعلم أنه عندما يسجل عليه الذهاب للاحتفال مع زملائه. يعلم أن كان بإمكانه التصرف بشكل مختلف »، أي ألا يستفز جمهور كالياري بالاحتفال أمامه. وكشف « كانت هناك صيحات عنصرية بعد الهدف. بليز سمعها وأصبح غاضبا. أعتقد أن الخطأ مشترك 50-50. لم يكن على كين فعل ذلك، كما أن رد فعل المدرج (الذي احتفل أمامه كين) لم يكن في مكانه ». لكن المدافع الإيطالي حاول ليل الأربعاء توضيح ما قاله، وكتب عبر حسابه على انستاغرام « بعد 24 ساعة، أريد توضيح ما أشعر به ». أضاف « أمس أجريت معي مقابلة بعد انتهاء المباراة مباشرة، وكلمات كانت موضع سوء فهم واضح، ربما لأنني تسرعت في طريقة التعبير ». واعتبر بونوتشي ان « ساعات وأعوام لن تكفي للحديث عن هذا الموضوع (…) أنا أدين بحزم كل أشكال العنصرية والتمييز ». وكانت تعليقات أليغري وبونوتشي على طريقة تعامل يوفنتوس على ما جرى بحق لاعبه العاجي الأصل، محط انتقاد المهاجم الإنكليزي رحيم سترلينغ الذي كان بدوره ضحية هتافات عنصرية أكثر من مرة، آخرها خلال مباراة منتخب بلاده ضد مونتينيغرو ضمن التصفيات المؤهلة لكأس أوروبا 2020 الشهر الماضي. وأعاد سترلينغ عبر مواقع التواصل نشر ما أدلى به بونوتشي الثلاثاء، مرفقا إياه بتعليق ساخر جاء فيه « كل ما يمكن القيام به حاليا هو الضحك ». أما اللاعب العاجي يايا توريه، فاعتبر أنه كان من الأجدى بأليغري دعم لاعبه بشكل كامل. وقال خلال مشاركته في مؤتمر عن التنوع في كرة القدم في لندن « صدمت عندما رأيت ذلك يحصل، وبعدها المدرب يقول إن كين لم يكن يجدر به أن يقوم بما قام به (…) أريد أن أرى ما سيقوم به الاتحاد الإيطالي لكرة القدم، أريد أن أرى ردة فعل ». ورأى رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم نويل لو غريت في بيان الأربعاء ان « هذه الإهانات العنصرية غير مقبولة »، مبديا دعمه لماتويدي وكين. وأتت الانتقادات أيضا من وكيل الأعمال الهولندي مينو رايولا الذي قال في رسالة لوكالة فرانس برس « أقف الى جانب بليز وكين. العنصرية بالنسبة إلي مرادفة للجهل. لا يمكن لأي كان، ولا يجدر بأي كان، تبريرها ». وتابع وكيل أعمال اللاعب ين « أنا فخور بهما وسأكون معهما حتى النهاية »، متحدثا عن ضرورة توافر « شجاعة وعقوبات قاسية لكل من يتصرف بطريقة عنصرية أو يبرر العنصرية. يجب أن نتحد ضد العنصرية ». وأعاد تصرف الثلاثاء الى الأذهان الطريقة التي تعامل بها مشجعو إنتر مع السنغالي كاليدو كوليبالي مدافع نادي نابولي، عندما وجهوا له إهانات عنصرية خلال مباراة أقيمت في شباط/فبراير الماضي. وقال مدرب نابولي كارلو أنشيلوتي حينها إن فريقه طالب بوقف المباراة دون التجاوب معه. وتعرض العديد من اللاعبين للهتافات العنصرية على مراحل مختلفة في مباريات كرة القدم الإيطالية، ومنهم ماتويدي نفسه وعلى ملعب كالياري بالذات، وذلك خلال مباراة أقيمت في كانون الثاني/يناير 2018. وفي حين قام كالياري يومها بالاعتذار من ماتويدي، بدت مقاربته للمسألة مختلفة هذه المرة، اذا اعتبر رئيسه توماسيو جيوليني أن كين « ارتكب خطأ (…) هو في التاسعة عشرة من العمر، وهذا مفهوم ». وسعى جيوليني للتقليل من « صيحات القردة »، موضحا أنه سمع « على الغالب صافرات استهجان ». وفي تصريحات لفرانس برس، اعتبر ماورو فاليري، الباحث الاجتماعي والمسؤول عن مرصد مراقبة العنصرية في الكرة الإيطالية، إن العنصرية في مدرجات الملاعب الإيطالية ترتبط « بمجموعة صغيرة من الأشخاص ». وتابع « يمكن للرئيس (جيوليني) أن يتخذ قرار بالمعاقبة، كما يحصل في إنكلترا. لكنه يختار الدفاع عن مشجعيه. القيام بهذا الأمر هو أكثر بساطة، القول إن كالياري ليست مدينة عنصرية… ». أما رد فعل بونوتشي، فعزاه فاليري الى أن قلب الدفاع « لا يقدر بشكل كامل (عمق) مشكلة العنصرية »، موضحا « الفارق مع دول أخرى هو أنه في إيطاليا، لا تتم مواجهة هذه المسألة كمشكلة فعلية ». أضاف « بالنسبة الى العديد من الأشخاص، لا يتعلق الأمر بالعنصرية وأحد لا يريد أن يتحمل مسؤولية مواجهة » هذه المشكلة.