شرع مجلس المنافسة، عقب تجديد هيكلته برئاسة ادريس الكراوي، في عقد لقاءات مع النقابات والفاعلين الاقتصاديين، أولها جلسة استماع نُظمت أمس الأربعاء، وجرى فيها استقبال قيادة نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل. وكان الموضوع متمحوراً حول ارتفاع أسعار المحروقات في المملكة. ووفق ما أفاد به مصدر نقابي حضر اللقاء فإن هذا الاجتماع جاء تبعاً للشكاية المرفوعة من قبل النقابة الوطنية لمهنيي النقل الطرقي، العضو في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وكان موضوعها ارتفاع أسعار المحروقات منذ تحرير الأسعار، وتداعيات ذلك على غلاء المعيشة وعلى أوضاع المهنيين في النقل. وسلم الوفد النقابي لرئاسة مجلس المنافسة مذكرةً تضم تحليلاً لوضعية المنافسة في سوق المحروقات، وانعكاسات أسعار المحروقات على القدرة الشرائية للمواطنين، إضافة إلى 11 مقترحاً بهدف تنظيم القطاع وتحديد أسعار المحروقات وحماية مصالح المستهلكين والمهنيين. وترأس هذا الوفد النقابي عبد القادر الزاير، الكاتب العام الجديد للنقابة، ورافقه كل من خليل بنسامي ومنير بنعزوز والحسين اليماني، وطرحوا خلال الجلسة مختلف الجوانب المتعلقة بملف المحروقات، من أسعارها المرتفعة، وصولاً إلى تكرير البترول ومصفاة سامير المتوقفة عن الاشتغال. ووفق نص المذكرة، التي تتوفر هسبريس على نسخة منها، تقترح المركزية النقابية CDT "تعليق تحرير سوق المحروقات إلى حين توفير الشروط والآليات لضمان متطلبات المنافسة الشريفة، وفك معاقل التحكم والتفاهم على التوزيع في السوق الوطنية"، و"اعتماد تركيبة جديدة لتحديد السعر الأقصى للبيع العمومي اعتباراً للسعر الدولي ولتكاليف الإنتاج وللربح الأعلى المسموح به للفاعلين في القطاع وللقدرة الشرائية للمواطنين والمستهلكين". كما قدمت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل مقترحاً لمجلس المنافسة يقضي بالفصل بين تكرير البترول واستيراد وتخزين المواد الصافية وتوزيعها، واعتبار توفير الاحتياطي الأمني الوطني من المسؤوليات الخاصة للدولة، والترخيص للشركات الخاصة بالاستيراد والتخزين وفتح جميع الموانئ بدون تمييز ولا احتكار. وبالإضافة إلى ذلك، تضمنت المذكرة مقترحاً بتأسيس الوكالة الوطنية للطاقة البترولية لضمان التزويد المنتظم للسوق الوطنية بحاجياتها البترولية بالجودة والسعر المناسب، وتوفير شروط التنافس الحقيقية بين الفاعلين في القطاع، إضافة إلى استئناف تكرير البترول بالمصفاة المغربية للبترول "سامير"، وتنظيم التكامل والتنافس بين المنتج الوطني والاستيراد. وترى نقابة CDT أن هناك ضرورة لاعتماد سياسة التخزين الجهوي والربط مع الموانئ بالأنابيب تحت أرضية للاقتصاد في كلفة النقل وتفادي الازدحام في الطرقات بسبب الشاحنات الناقلة للمحروقات، وتعزيز شروط الأمن لتخزين الاحتياطات الوطنية. وفي ما يخص المهنيين في قطاع النقل الطرقي، ترافعت النقابة أمام ادريس الكراوي، رئيس مجلس المنافسة، من أجل اعتماد الكازوال المهني للمهنيين المهيكلين أسوة بما هو معمول به في الكازوال البحري، إضافة إلى فرض احترام القانون في قطاع النقل ومحاربة كل الممارسات المنافسة. وجاء أيضاً ضمن مذكرة النقابة أيضاً مقترح بإقرار صندوق خاص للدعم في حالات تجاوز السعر الأقصى للكازوال 8 دراهم، وتكوين احتياطاته في حالات تراجع السعر دون ذلك، وتوحيد قيمة الضريبة على الاستهلاك الداخلي بين الكازوال والبنزين من أجل تخفيف الطلب على الكازوال والدفع بالمستهلكين الصغار إلى استعمال البنزين. وحسب أرقام النقابة فإن سوق توزيع المحروقات بالمغرب "متقاسم بين 20 شركة، لكن رغم التشجيعات التي منحت في سبيل تطوير القدرات التخزينية فإن إجمالي الطاقة القصوى لشركات التوزيع يناهز مليون طن، أي ما يمثل 45 يوم من الاستهلاك الوطني الافتراضي". وكانت مصفاة المحمدية "سامير" توفر ما يفوق 80 في المائة من الاستهلاك الوطني من المشتقات البترولية، لكن منذ توقف المصفاة سنة 2015 وصدور حكم بالتصفية، بات المغرب يعتمد في كل احتياجاته على استيراد المواد الصافية عبر شركات التوزيع من خلال المرور عبر التجار الدوليين للمواد البترولية. وتدعم نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل مطلب إعادة تشغيل مصفاة سامير لإتاحة تكرير المواد البترولية لضمان الأمن الطاقي، عوض الاعتماد كلياً على الاستيراد للمواد الصافية، وبالتالي تعريض الاقتصاد لخطر التقلبات الدولية ولارتفاع الأسعار على المتوسط الدولي بفعل تحكم وتطبيق التجار الدوليين لسياستهم التجارية.