تعاني السينما والمسرح كذلك في بلدنا العزيز من مشكلات لا حصر لها، وكان لي الشرف كصحافي أن استضفت أو قمت بحوارات سابقة مع العديد من الأسماء، من قبيل المخرجة فريدة بورقية وميلود الحبشي ورفيق بوبكر وعزيز حطاب وماجدولين الإدريسي وأحمد مُرادي وعمر السيد وآخرين... ثم الجيل الصاعد في شخص الفنانتين الواعدتين أحلام شرف الدين وبديعة قدوري... إضافة إلى معرفتي الشخصية ببعض كتاب السيناريو والمنتجين وبعض أرباب المهن المرتبطة بالسينما وبالمسرح... كما كان لي شرف استضافة بعضهم في الكلية لمناقشة قضايا ومشاكل السينما والمسرح مع الطلبة مباشرة. ويتفق الجميع على أن هناك قفزة نوعية هائلة من ناحية الكمّ من خلال الزيادة في عدد المنتجات الفنية، والتطوّر الهائل في تقنيات التصوير والصوت، لكن هذين العنصرين لا يمكن لهما إخفاء غابة المشاكل التي يمكننا إجمالها في ما يلي: 1. مشكل الكاستينغ: يعتبر مشكل الكاستينغ مشكلة المشاكل في السينما بالأخص، ثم في المسرح، ففيه تتم عمليات "تبزنيس" كبيرة، فمثلا أنا أعرف فنانة مبتدئة حكت لي عن واقعة تعرضها للابتزاز الجنسي مقابل قبولها في دور سينمائي، وقيل لها بالحرف الواحد "إذا أردتِ الدّور تعالي لتوقيع العقد الساعة العاشرة ليلا في فندق كذا بالغرفة رقم كذا"، وعندما توجهت رفقة والدتها، تحجّج بأعذار واهية، وأجّل التوقيع للغد، وفعلا اتصل بها غداً وقال لها "اذهبي عند أمك لتوقّع لك العقد". عملية الكاستينغ لا تستند في غالبيتها لأي أساس موضوعي مهني، مثل الدراسة الأكاديمية والموهبة الخ، بل في مجملها تتم وفق علاقات "ابّاك صاحبي" و"التّدويرة" و"النكاح مقابل التوقيع". وعدد لا بأس به، خصوصا من الممثلات المبتدئات، أكّن لي هذا المعطى. ولعل هذا يعطينا جوابا عن تساؤل ضخم لماذا السينما المغربية رديئة وعاقرة؟ 2. كتابة السيناريو: من أسوأ المآخذ على السينما والمسرح المغربيين، السيناريوهات الفقيرة، وأحيانا البائسة في الأفلام والمسرحيات المغربية، ممّا يدفع إلى التساؤل هل عقم الوسط الفني المغربي أن يقدّم لنا كتاب سيناريوهات مبدعين؟ أرى أنه لو أعطيت الفرص للشباب المغربي لكانت النتيجة فوق الخيال، ولكن للأسف هذه الحرفة باتت محتكرة من بضع أشخاص لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد الواحدة، وأتذكر جيدا حوارا دار بيني وبين أحد موظفي قطاع الإنتاج بالقناة الثانية، حيث قال بالحرف للأسف اندثر كتاب السيناريست، ومن يتصدى لهذه المهمة الآن مجرد "مخربقين" لا علاقة لهم بالحرفة من قريب ولا من بعيد، ونتعامل معهم غصباً عنّا لأنه للأسف لا بديل عنهم، ولو وجدناه فمن الغد نشتغل معه. 3. مواضيع مستهلكة: كحال معظم القطاعات التي يهمها الربح، تخضع السينما والمسرح في المغرب لمنطق "الجمهور باغي هكّا"، وهذا يقتل الدور النبيل للفن في إيصال رسائل للعامّة، في التثقيف، في تأدية دور التحسيس والتربية ونشر الوعي، يقتل ويخون رسالة التربية التي من المفروض أن يحملها الفن، سواء في السينما أو المسرح، بل بالعكس، أصبحت السينما والمسرح يحرضان على الزنا والفسق والفجور والتشرميل واللواط والسحاق، المواضيع نفسها وتقريبا لنقل الموضوع نفسه "الدعارة" قتلوه قتلوه قتلوه، لم يجدوا في الفضاء المغربي الكبير جغرافيا وروافده الثقافية ومشاربه الفكرية وتعدد وغنى تجربته أي شيء يذكر إلا الدعارة مع الخليجيين ومع الفرنسيين، وباتوا بذلك يكرّسون الصورة النمطية التي للمغاربة قبل الأجانب عن المغرب أنه ذلك المرحاض الذي يتبوّل فيه كل أعراق وجنسيات الكون. 4. الجرأة المبالغ فيها مقابل مفهوم الفن النظيف: يعتبر مفهوم الفن النظيف من المفاهيم المستوردة من المشرق، وكان في البرنامج السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر مثلاً، إلى أن جلبه إخوانهم بعد ثورات الربيع العربي ووصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكومة في المغرب، وإن لم تخني الذاكرة، فقد كان محمد نجيب بوليف هو من أحرز قصب السبق في إدخال المصطلح للساحة المغربية، إذ قال في حوار صحافي له "لسنا ضد الفن، لكننا مع الفن النظيف الذي يحترم قيمنا كمجتمع مسلم"، ومنذ ذلك التصريح بدأ النزاع حول المفهوم، وأتذكر أيضا صورة للفنانة فطوم العياشي التي التقطت لها في مزبلة بالدار البيضاء، في رسالة مشفرة مفادها أن الفن لا يؤمن بالنظيف وغير النظيف. قد نختلف مع الوزير أو نتفق معه، ولكن الواقع أكّد بما لا يدع مجالا للشك أن الوقاحة باتت السمة الغالبة لبعض الإنتاجات، وإلا كيف وأين نصنف مثلا فيلمي "ماروك" و"الزين اللي فيك" وأشباههما إذا لم يكونا ضمن أفلام بورنوغرافية باللهجة المغربية؟ والأدهى والأمر أنها جرأة أو وقاحة مجانية، بمعنى لا يتطلبها السيناريو، كما أن الجمهور ليس غبيا، فمثلا في لقطة العرس يكفي أن تظهر العريس والعروسة يصعدان الأدراج والباب أغلق أو الضوء انطفأ. فمن الواضح أن العروسين لن يقوما بتأدية الصلاة داخل الغرفة... باختصار شديد، يمكننا القول إن الأعمال "الجنسية" التي يسمونها تجاوزاً أفلاما كثرت بالخصوص في السينما. 5. الدعم للهواة وللمحترفين: يعتبر توزيع الدعم، خاصة في المسرح، من الملفات الساخنة، حيث يشتكي المحترفون من المسرحيين من قلة وعدم كفاية الدعم الذي يتلقونه، مقابل الهواة الذين يحصلون على دعم يتوازى معهم تقريبا، وهذا ما يرونه تنقيصاً من قيمتهم ك "رواد" للمسرح المغربي. وفي حقيقة الأمر يجب على المسؤولين عن توزيع هذا "الدّعم" مراعاة عامل مهم، لا يكمن في الأقدمية، بقدر ما يكمن في الإبداع والكفاءة وأحقية الفرق المسرحية من خلال ما تنتجه من أعمال. 6. سيتكومات رمضان: الشركات نفسها تقتسم الكعكة كل عام: أعتقد أن هناك إجماعاً من طرف المغاربة على أنّ ما يتم عرضه على قنواتنا في شهر رمضان ممّا يسمى سيتكومات هي أعمال فاشلة بامتياز، وكما يسميها الجمهور "حامضة"، لأنها ليس فقط لا تُضحكنا، وإنّما تقتلنا ب "الفقسة" نظرا لافتقادها للبعد الكوميدي، إضافة للمواضيع التي تتناولها، والتي هي مجافية للواقع، وحتى الخيال لا يستسيغها. وهي أعمال ارتجالية ورديئة بشهادة المختصين من فنانين ونقّاد. علماً أنه تُخَصّص لها مبالغ كبيرة من أموال دافعي الضرائب، كما أن هناك ملاحظتين في هذا الصّدد: أولهما هناك ثلاث شركات احتكرت هذه الأعمال بالاتفاق مع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، مما جعل باقي المهنيين ينتفضون، وما خرجات سعيد الناصري مثلا إلا دليلا على وجود احتجاج لدى فئة من الفنانين على هذا الاحتكار. ثانيهما أن الأمر بات يصل سنويا تقريباً إلى ردهات البرلمان، كما تعج مواقع التواصل الاجتماعي بالانتقادات اللاذعة لهكذا أعمال، لكن مع ذلك لا يتم أخذ هذا المعطى بعين الاعتبار، وهذا تأكيد على أن رأي الشعب عبر وسائل التواصل، أو عبر ممثليه في البرلمان، لا يهمّ القائمين على هذا القطاع. 7. المحسوبية والزبونية: وجوه استعمرت الشاشة: هناك وجوه فرضت نفسها على الساحة الفنية غصباً عن الكلّ، لن أذكر أسماءً، لكنهم معروفون، تجدهم في التلفزيون والإشهار والسينما، وأحيانا منهم من يدلي بدلوه حتى في الغناء وعرض الأزياء وربّما أشياء أخرى... ما دمت في المغرب فلا تستغرب، وما دام القطاع غير مقنّن بالمعنى الصّارم، فالعلاقات الثنائية والشخصية جعلت القطاع يعرف فوضى عارمة، تلعب فيها المصالح والنزوات والمزاجية دورا حاسما في فرض أسماء معينة على الجمهور رغم أنفه. هذه الزبونية تبدأ كما رأينا من الكاستينع إلى غاية العرض على الشاشة. 8. الإشاعة في الوسط الفني: النفاق سيد الأخلاق: رغم أنه من المفروض أن يكون الوسط الفني وسطاً متجانساً، إلا أن تجربتي كصحافي وكذلك تجارب بعض الزملاء التي تقاسموها معي، أكّدت بما لا يدع مجالا للشك أنه وسط موبوء، وسط فيه الكثير من الرياء والنفاق، وقد وقعت أمام عيني بعض هذه الأشياء، فمثلا في عشاء على هامش إحدى المهرجانات، لفت انتباهي أن إحدى الممثلات تكيل المديح لمخرجة، وما إن قامت هذه الأخيرة من مكانها، حتى أخذت تنهش لحمها بالنميمة. لا يقف الأمر عند ذلك في علاقة الممثل بالمخرج أو بممثل آخر، فكم من مخرج أو ممثل يتهمه آخرون بأنه مرتزق، وهذه شاذة جنسيا، والأخرى متسلّطة، والآخر متحرّش... الخ، وأحيانا كثيرة لا تعدو هذه التهم عن كونها خناجر مسمومة للنيل من الآخر، ربما لأنه يتفوق عليه في الأداء والشعبية. 9. الرداءة وقلة الحياء باسم سينما الواقع وتحت عباءة حرية الإبداع: إن تعريف الحرية هو القدرة والإرادة على فعل أشياء مقبولة، يتم اختيار ما يتفق منها مع شخصيتنا وقناعاتنا... الخ، وليس معنى الحرية، فرض خيارات غير مقبولة أساسا من الأغلبية الساحقة من الناس... هذا المعنى مبتذل ومجتزأ وملعوب في أساسه. تحدّثنا سابقا عن بعض الأفلام التي أثارت الجدل في المجتمع بأكمله، وليس فقط في الوسط الفني، الذي ردّه صنّاعه إلى كذبة "حرية التعبير" و"حرية الإبداع"، والواقع كما هو... الخ من التّرهات. الواقع ليس فيه فقط الدعارة والشذوذ، هناك واقع تعليمي وصحي قاتم، وواقع سياسي وحزبي لا يقلّ قتامة... أين السينما والمسرح من ذلك؟ ثم إن حرية الإبداع تكمن في ابتكار أشياء جديدة أو العمل على أشياء قديمة بلمسة جديدة، وإعطاء حلول، وليس اختزال فيلم فيه ساعة ونصف في اللقطات البورنوغرافية والكلام الساقط والرقص الفاحش... كما أن حرية التعبير لا تعني الوقاحة والسب والشتم... ولا تفوتني لقطة في فيلم ماروك، لقطة وقحة جدا: "البطلة تضحك على أخيها وتستهزأ به عندما يصلي صلاة المسلمين، وتظهر كلّ الاحترام للدين الآخر اليهودي". نعم احترام الدين اليهودي واليهود كمواطنين مغاربة لهم كامل الحقوق وعليهم كامل الواجبات لا نقاش فيه، لكن ازدراء الإسلام من بعض السفهاء أيضا أمر لا يمكن قبوله البتّة. ولا أملك هنا إلا تحية الممثلة أحلام التي عُرض عليها العام الماضي لعب دور فتاة سحاقية، فرفضت، وقالت إنها لا يمكن أن تقبل دوراً يسيء لدينها ووطنها وأسرتها وسمعتها. 10. ممثلون ما قرؤوا وما سمعوا عن السينما والمسرح: في بعض حواراتي لاحظت اعتراض العديد من الممثلين على كون بعض المخرجين يرفضون التعامل على المتخرجين من المعاهد الفنية، بحجّة أن هؤلاء "يطلبون الثمن"، وبالتالي عوض الاعتماد على أشخاص لهم تكوين ومؤهلات في ميدان السينما والمسرح، يتم اللجوء إلى وجوه غير مؤهلة، وهذا ما يؤدي إلى سينما رخيصة ومسرح بائس، فمن يطلب رخص الثمن لا يمكنه أن يقدم إلا الرخص. وفي الحقيقة على القوانين المنظمة للمهن الفنية أن تتدارك هذا الأمر الخطير، لأن سمعة الفن المغربي (السينما والمسرح) باتت على المحك، ولا أودّ القول إنها تحت الحضيض بمراحل... 11. الممثلون والصحافة: طوم وجيري: لا شك أن علاقة الممثلين والصحافة عرفت عبر التاريخ مدّاً وزجراً بين الطرفين، والجميع على علم بواقعة الممثل الذي اتهم علانية الصحافيين المغاربة بأنهم يحبون "الأظرفة"، في تلميح واضح للرشوة. والحقيقة أن العلاقة بين الطرفين يجب أن تكون في خدمة الفن المغربي وسمعته داخليا وخارجيا. أنا لا أحب "صحافة الفضائح" التي لا همّ لها إلا البحث عن فضائح الفنانين، والخوض في أعراضهم، لبيع الجريدة أو المجلة على حساب سمعة الناس ومشاكلهم، هذا أمر يتنافى مع ميثاق الشرف الصحفي، وأمر مُدان. لكن في المقابل على الفنانين احترام الصحافة والتعامل معهم بما يليق بهم، وليس الاستعلاء عليهم، أو اللجوء إليهم عندما ينطفئ نجم الفنان ويصبح في طيّ النسيان. 12. المركز السينمائي المغربي: ما محلّه من الإعراب؟ تكفي مشكلة أو مشكلتان مما سبق لتدخّل المركز السينمائي المغربي، لكن حقيقة ما نراه كصحافيين وما نسمعه من بعض الفنانين والمخرجين وغيرهم من المهنيين في السينما، يجعلنا نتساءل ما هو الدور الذي يقوم به ذلك المركز؟ وهل يوجد مخاطب تلجأ إليه الصحافة لاستجلاء الحقيقة، ما دام المسؤول الأول على المركز شبه مقيم خارج المغرب؟ يا سيدي رئيس المركز إن كنت لا تعلم بمشاكل قطاع السينما بل بكوارث القطاع، فتلك مصيبة، وإن كنت تعلم فالمصيبة أعظم. ننتظر منكم العمل على بلورة استراتيجية عمل واضحة، وليس بعض الخرجات الإعلامية التي نسمع فيها بعض التعبيرات والعموميات التي لا تحل ولا تعقد. 13. مهرجان مراكش الأخير والفضائح المدوية: رأينا تهافت وتهافت التهافت لدى بعض الغرباء للحصول على صور في البساط الأحمر، وبعضهم لا يعرف حتى من دعاه إلى المهرجان، في حين لم تتم دعوة أهل الاختصاص، فمثلا لا حظنا عدم دعوة "سامية أقريو" و"نعيمة المشرقي" مثلا، مقابل دعوة "باربي"، وكانت بعض المدعوات لا هم لهن إلا "القفطان" و"تسريحة الشعر" والمظهر... وهذه هي الحقيقة فعلا، السينما المغربية، وبالقياس عليها المسرح المغربي، الاثنان باتا مجرد شكل ومظهر مفرغ من المضمون... ما معنى مهرجانا يقام في المغرب ويعرف تغيّب أو تغييب السينما المغربية بشكل كبير والاكتفاء ببعض التمظهرات، مثل تكريم هنا أو عرض فيلم هناك؟ وما معنى أن اللجنة المكلفة بالتنظيم أو بالناحية الفنية تخلو بشكل كبير من المغاربة؟ ثم لماذا يتم إقصاء أهل الاختصاص وناس الحرفة مقابل دعوة عارضات أزياء ومغنيات في مهرجان سينما؟ هل إلى هذا الحدّ بلغ التسيب؟ 14. تناسل الفرق المسرحية: لا أود الحديث في النوايا، ولا تفتيش الضمائر، ولكن العارفين بالشأن المسرحي في المغرب، وبعض أهرام المسرح المغربي، الذين تشرفت بإجراء حوارات معهم، وبعضهم بات صديقا لي بعد ذلك، أخبروني بأن ما بات يعرف ب "ظاهرة تناسل الفرق المسرحية" سببه التهافت الكبير لاقتسام كعكة الدعم المخصص للفرق المسرحية، الذي يتم دون معايير واضحة ودقيقة ومحدّدة. وهذه الفوضى العارمة تدفعنا إلى التساؤل عن التقنين: لماذا لا يتم تقنين الميدان بوضوح؟ ونرى طبعا أن هذه الظاهرة غير صحية، فهي تذكرنا بتفريخ الأحزاب السياسية، وظاهرة الترحال السياسي من حزب إلى حزب، والانشقاقات الحزبية لتكوين كيانات أخرى، فقط لإرضاء غرور شخصي أو لتصفية حسابات ضيقة. إن هذا الأمر عينه يتكرّر في المسرح المغربي. وهذا يؤدي في الأخير إلى مردودية ضعيفة. 15. غموض قانون الفنان: انتظرنا بفارغ الأمر صدور قانون يوضح ويحدد بدقة المهن الفنية، والبطاقة المهنية، والحقوق الاجتماعية للفنان، فجاك ذلك القانون سنة 2014 مُشوّهاً، مفرّغا من مضمونه، شأنه في ذلك شأن معظم القوانين التي جاءت بعد 2011، قانون جاء فضفاضا بعبارات تتضمن لبساً وغموضا كبيرين، وكثرة الإحالات إلى قوانين تنظيمية تصدر لاحقا، ما زال العديد منها لم يصدر إلى غاية كتابة هذه الأسطر. فمثلا من هو الفنان المهني الذي هو مؤهل للحصول على البطاقة المهنية؟ وما هي الحقوق الاجتماعية التي تخولها تلك البطاقة؟ وإذا كان الأمر فعلا يعطي حقوقا للفنان كما يدعي المسؤولون عن إنتاج هذا القانون الذي أصرّ أنه مشوه، فلماذا في كلّ مرة نسمع عن معاناة الفنان "زيد"، ومأساة الفنان "عمرو"، وتتم دعوات للتبرع وجمع المال لهذا، والتكفّل بذاك... وأحيانا يتدخّل المحسنون وعلى رأسهم ملك البلاد للعطف على أحد الفنانين أو الفنانات، ومساعدتهم ماديا أو إجراء عمليات طبية أو ما شابه. فأين كرامة الفنان؟ نتضامن مع الفنان من منطلق أن الفن جزء من ثقافة البلد، ويعكس حضارته وإشعاعه، ولكن في المقابل نقصد بكلمة الفنان ذلك الفنان بالفعل وليس المتطفّل أو المفتئت على الفن أو المتسلق المتملق الذي يسلك سبلا غير شريفة وغير تنافسية لنيل لقب فنان. *باحث متخصص في القانون والإعلام