في خضمّ تزايد التحديات التي تواجه بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا)، على المستويين الاقتصادي والتنموي، ينكبّ أكاديميون وخبراء وباحثون على مناقشة تطوير البحث العلمي، وذلك خلال المنتدى العربي للبحث العلمي والتنمية المستدامة، الذي تنظمه أكاديمية المملكة المغربية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "أليكسو" على مدى ثلاثة أيام بالعاصمة المغربية الرباط. وأجمع المتدخلون في الجلسة الافتتاحية للمنتدى العربي للبحث العلمي والتنمية المستدامة، الذي انطلقت أعماله صباح الاثنين بمقر أكاديمية المملكة المغربية، على أنَّ الاستثمار في البحث العلمي أضحى ضرورة من أجل تجاوز مختلف تحديات العصر، مشدّدين على أنّ البحث العلمي يُعدّ أسَّ أي إقلاع اقتصادي وتنموي. في هذا الإطار، أكّد أبو القاسم حسن البدري، مدير إدارة العلوم والبحث العلمي بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "ألكسو"، أنّ البحث العلمي يُعدّ رافدا أساسيا للتنمية المستدامة، ويلعب دورا محوريا في بناء المشروع القومي النهضوي في التنمية والاقتصاد، وتطوير إنتاج القطاعيْن العام والخاص، ما يُفضي إلى تحقيق الرفاه الاقتصادي والاجتماعي. وأضاف المتحدث أنّ المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم أدركت ضرورة الشراكة بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، عبر مختلف المؤسسات والجامعات ومراكز البحث، لدفع البحث العلمي إلى مزيد من التطور في بلدان المنطقة، بهدف بلورة رؤية مشتركة وإشراك أكبر قدْر من الباحثين والأكاديميين ورجال الصناعة في مَحفل واحد لتعزيز مشاريع التنمية. وأكّد أنّ المنتدى العربي للبحث العلمي الذي تحتضنه الرباط يأتي لخلق فرصة للتكامل بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجال البحث العلمي، وخدمة المصالح المشتركة في ما يتعلق بالصناعة والتكنولوجيا والنفاذ إلى المعرفة على أوسع نطاق وتحقيق مناخ ملائم للابتكار والبحث العلمي، داعيا إلى مضاعفة الجهود لتطوير منظومة التعليم باعتبارها أسَّ النهوض بالبحث العلمي. واعتبر إدريس العلوي العبدلاوي، عضو أكاديمية المملكة المغربية، أنّ المنتدى العربي للبحث العلمي صّمم ليكون فضاء لالتئام المسؤولين وصناع القرار في المؤسسات التدبيرية والبحثية والجامعات والوزارات والمؤسسات الإنتاجية والصناعية، في القطاعين العامّ والخاص، قصْد توفير المناخ المناسب للتقارب والتعاون، وربط برامج الدراسات العليا ومشاريع البحث العلمي التي تجرى في الجامعات ومراكز البحث خدمة لمجتمعات المنطقة. وأضاف أنّ أكاديمية المملكة المغربية تحرص، من خلال رعايتها للمنتدى العربي للبحث العلمي والتنمية المستدامة، الذي بلغ هذه السنة دورته السادسة، على دعم وتشجيع وتنمية البحث العلمي والاستقصاء في المجال الفكري والتنمية المستدامة، والتفكير في الإشكاليات والقضايا المطروحة، مبرزا أنّ من شأن انفتاح الأكاديمية على الأوساط والمنتديات العلمية والثقافية أن يوفر للجمهور سُبُل الولوج إلى المعرفة المميَّزة وتحقيق قصَب السبق في مختلف مجالات الثقافة والفكر والبحث العلمي. أحمد حمدوش، مدير البحث العلمي والابتكار بوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، قال إنّ الوزارة تعي الدور الكبير والحاسم للبحث العلمي باعتباره رافعة للتنمية، خاصة في ظل التحديات التي تواجه مجتمعات المنطقة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وغيرها، التي يمكن للبحث العلمي أن يلعب دورا في الحد من تأثيرها السلبي، وبالتالي تحقيق الرفاه والنهوض الاجتماعي. ودعا حمدوش إلى بذل مزيد من الجهود من أجل مواكبة مستجدات البحث العلمي على المستوى العالمي، وتجويد عمل مراكز البحث والمعاهد العلمية، وتطوير الشراكات بين الفاعلين في البحث العلمي وقطاعات الإنتاج والخدمات، لافتا إلى أنّ دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تزخر بالطاقات والكفاءات البشرية، وبالمواد المادية والطبيعية الكفيلة بتحقيق نهضة اقتصادية واجتماعية. من جهتها، شدّدت دعاء خليفة، ممثلة الإدارة العامة لجامعة الدول العربية، على أن البحث العلمي يلعب دورا هاما في تقدُّم وتطور المجتمعات، وأصبح الاهتمام بمستقبله ضرورة وليس اختيارا، خاصة في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه دول المنطقة، مؤكّدة أن النهوض بالبحث العلمي يتطلب تشجيع الاستثمار فيه، والاستثمار في العقول. وأضافت المتحدثة أنّ النهوض بالبحث العلمي يتطلب وضْع خطة عمل شاملة لمعرفة الحاجيات التي تضمن رفاهية الإنسان، ووضع معايير موحدة لضمان جودة التعليم الذي تقدمه الجامعات في بلدان المنطقة، من أجل تحسين أداء الجامعات وتجويد مستوى التعليم المقدم للطلبة والرفع من مستوى الإبداع والابتكار، والاستعانة بالتجارب الناجحة للبلدان المتقدمة في هذا المجال. وسيشهد المنتدى العربي للبحث العلمي والتنمية المستدامة، المتواصِل إلى غاية يوم الأربعاء المقبل، عقْد ستّ جلسات علمية، تناقش مواضيع النهوض بالنشر العلمي باللغة العربية، والآفاق الواعدة للتكنولوجيا والابتكار من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وربط الأكاديميات بالصناعة وتعزيز الابتكار وتثمين البحوث العلمية، والتحول الرقمي الذكي.