أوصى تقرير أصدرته مديرية الدراسات والتوقعات بوزارة الاقتصاد والمالية بالمغرب والوكالة الفرنسية للتعاون المقاولات المغربية المشتغلة في القارة الإفريقية ببناء سلاسل قيمة إقليمية وبناء تحالفات إستراتيجية بين المقاولات الكبرى والمقاولات الصغرى والمتوسطة، كوسيلة للتكامل الاقتصادي للمغرب في إفريقيا من أجل مواجهة المنافسة المحتدمة من قبل دول أخرى. واعتبرت الدراسة أن بناء سلاسل قيم إقليمية واعدة أمر مهم لضمان تموقع للمقاولات المغربية في إفريقيا، خصوصاً أن المنافسة أكثر شراسة من طرف عدد من الدول من خلال كبريات الشركات التي باتت تركز استثماراتها وتبادلاتها على القارة السمراء التي تعرف نمواً ديمغرافياً قوياً وتوسعاً في الطبقات المتوسطة، خصوصاً الصين وتركيا والبرازيل. وتقول الدراسة، التي عنونها معدوها ب"تطوير المقاولات المغربية في إفريقيا.. الواقع والآفاق"، إن على المقاولات المغربية الاستفادة بشكل كبير من بناء سلاسل القيم الإقليمي في بيئة تتميز بظهور مراكز إقليمية جديدة. وأشار التقرير إلى أن المغرب يعدّ من بين الدول القليلة في القارة التي تُشارك في سلاسل قيم عالمية في مختلف القطاعات الصناعية، خصوصاً في السيارات والنسيج. وأكدت الوثيقة ذاتها أن بناء سلاسل قيم إقليمية مع صناعات من بعض بلدان غرب إفريقيا يُمكن أن يكفل دمج الخبرة المغربية مع انخفاض تكلفة العمالة. ومن أجل النجاح في سلاسل القيم الإقليمية، يتوجب، حسب التقرير، تضافر جهود مختلف الفاعلين العموميين والخواص من أجل تحديد سلاسل القيم الإقليمية المناسبة، واستهداف القطاعات الواعدة وتحديد الوسائل والموارد التي يجب تعبئتها. وتقول الدراسة إن تحسين تموقع المقاولات المغربية في القارة يمر أساساً عبر إقامة تحالفات إستراتيجية بين المقاولات الكبرى والمقاولات الصغرى والمتوسطة كوسيلة للتكامل الاقتصادي للمغرب في إفريقيا، وتعبئة الفاعلين الخواص في بناء الاستراتيجية الاقتصادية المغربية في إفريقيا. وتشير إحصائيات التقرير إلى أن المقاولات المغربية تُشارك بفاعلية في دينامية النمو الإفريقية، وتتجلى هذه الدينامية في كون إفريقيا تُعد اليوم الوجهة الأولى للاستثمارات المغربية في الخارج، وقد عرفت تطوراً بعدما كانت ترتكز تقليدياً على الخدمات خصوصاً الأبناك والتأمين والاتصالات، واليوم أصبحت تشهد تنوعاً بالتوجه نحو قطاعات جديدة مثل البناء والتوزيع والصناعة. ووضع التقرير أمام المقاولات المغربية عدداً من معايير الاختيار الرئيسية للبلدان المستهدفة؛ أولها إمكانات السوق، وثانيها سهولة الوصول إليها، وثالثها توفر الاستقرار، وهو ما سيمكنها من تحديد الإستراتيجيات المستقبلية لاستغلال فرص النمو والطلب المحلي المتزايد. وذكر التقرير أن إفريقيا توجد ضمن الاختيارات الإستراتيجية للمغرب، وقد نجحت البلاد في تقوية تموقعها فيها بشكل تدريجي من خلال تعزيز وتنويع المبادلات التجارية ومرافقة شركائها في القارة وإبرام العديد من اتفاقيات التعاون التي وصلت حوالي 1000 اتفاقية مع 28 دولة في القارة في مختلف المجالات، خصوصاً التعليم والصحة والتكوين والبنية التحتية والزراعة.