رغمَ إقرارِ الوفد المغربي المُشارك في مباحثات جنيف حول الوضع في الصحراء بأنَّ مخرجات المائدة المستديرة التي أدارها المبعوث الأممي، هورست كولر، وجمعَ حولها الأطراف المتنازعة، "كانت إيجابية"، إلا أنَّ الوزير السابق، محمد اليازغي، باعتباره أحد الخبراء في ملف الصحراء، يرى أن "هذه الجولة الأمميةالجديدة التي لحسن الحظ لم تنفجر لم تخرج بأيّ نتائج ملموسة ومهمة". وأضاف الكاتب الأول الأسبق لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، اليوم، خلال ندوة وطنية نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني، حول قضية الصحراء، أن "مباحثات جنيف لم تنبثق عنها نتائج مهمة، على الأقل كما صرح بذلك ممثلو الأطراف المشاركة؛ لكن الاجتماع اتسّم بأجواء إيجابية ومرَّ في ظروف تشجع على عقد لقاءات مقبلة"؛ إلا أنه تساءل عن موقف كل طرف مادامَ اللقاء الثاني دامَ أزيد من سبع ساعات؛ وبالتالي "من المؤكد أن هناك أمورا كثيرة تمَّ تداولها". الوزير الأسبق والقيادي الاتحادي قال في كلمة افتتاحية لأشغال الجلسة إن "الأممالمتحدة في موقف صعب؛ فمقررات مجلس الأمن تدعو إلى إيجاد حل توافقي سياسي ينهي النزاع، والمفاوضات يجب أن تمر بدون أي نية مسبقة، مع أخذ اقتراح المغرب الذي يدعو إلى تطبيق الحكم الذاتي بعين الاعتبار"، وزاد: "كما أن هناك اقتراح البوليساريو المتعلق بتقرير المصير". وكشف اليازغي، خلال حديثه عن اللقاء السويسري، أنَّ ما جرى أخيراً خلال اجتماع جنيف الذي عقد بدعوة من الأمين العام للأمم المتحدة يعطي الانطباع بأن "المفاوضات المقبلة لنْ تخرج بحلٍ سياسي حقيقي، وذلك لأن مجلس الأمن يصفُ اقتراح المغرب بالجدي، ولكنه لا يعطي أي توجيه للممثل الشخصي في الصحراء لإدخاله حيّز التنفيذ، وهو إشكال حقيقي". وعرّج القيادي الاتحادي على "دور الحكومة الجزائرية في الإمساكِ بخيوطِ النزاع، فهي متشبثة بمقترحاتها منذ انطلاق القضية، وقدِ استرجع المغرب أراضيه في الساقية الحمراء، ولكن ذلك لم يمنع النظام الجزائري من مواصلةِ حملة تشويشه على الرباط"، مقراً بوجودِ "تناقض واسع بين الأطروحة الجزائرية وما يصفه مجلس الأمن بجدية مقترح الحكم الذاتي". وقال الوزير الأسبق إن "مفاوضات صعبة تنتظر المغرب في المستقبل، ولا يمكنها أن تؤدي إلى حل يرضيه، وهو بدوره لا يمكنه أن يتنصّل من مقررات مجلس الأمن؛ ولكنه في الواقع لا بد أن يبحثَ عن طريقة ملائمة لتصريف ما قاله مجلس الأمن حُيال مقترح المملكة المتعلق بورقة الحكم الذاتي، وأن تكون في طليعة أي مباحثات أو مفاوضات حول الصحراء". وتساءل اليازغي حولَ ما إذا كانت قضية الصحراء تضرّنا كمغاربة، وقال: "لا يمكن أن نقول إنها تضرنا لأن المغرب يقوم بتدويل هذه القضية، وهو ما يجعلُ الأنظارَ تتجه إلى الأقاليم الجنوبية والإشعاع التنموي الكبير الذي تعرفهُ"، إلا أنَّه اعترفَ بأن "قضية الصحراءُ لا يمكنها أن تضرنا إلا في حالة واحدة، وهي المتعلقة بوضعية اللاجئين في مخيمات تندوف وحمادة". وقال اليازغي: "هؤلاء المحتجزون يعيشُون ظروفا صعبة، ولا يمكن للمغرب أن يقبل باستمرار هذا الوضع"، قبل أن يزيد: "ليست هناك قوة في العالم يمكن أن تُجبرنا على العودة إلى الوراء بهدفِ خلق كيان في الصحراء"، مقراً بأن "الحكومة الجزائرية ترفض تسجيل وإحصاء هؤلاء اللاجئين، وبالتالي هم في وضع خطير، قد يتعرضون للقتل والاختطاف". وأوردَ المتحدث ذاته أن "الحكومة الجزائرية تتحمل مسؤولية خطيرة في بقاء هؤلاء في تلك المنطقة"، مشيراً إلى أنه "لا حل في الأفق إلا في حال استطاعَ الممثل الشخصي للأمم المتحدة إقناعِ البوليساريو بالمقترح المغربي أو أن يقفز مجلس الأمن إلى أبعد من ذلك بقبوله مقترح الحكم الذاتي"، متوقفاً عند دور الولاياتالمتحدة التي تصيغ قرارات المجلس الأمن.