موسيقى الريغي تعني أكثر من المارايخونا وتسريحة الشعر المجعد وبوب مارلي: هذا النوع من الموسيقى الذي نشأ في جامايكا تمكن من الحصول على اعتراف دولي بعد 50 عاما من نشأته. بالنسبة للمعجبين، طالما كان من الواضح أن موسيقى الريغي تعد أمرا خاصا، ولكن تم جعل هذا الوضع رسميا بإدراج هذا النوع من الموسيقى ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في نونبر الماضي. وقالت متحدثة إن ممثلي اليونسكو اعترفوا بدور مارلي الكبير في اكتساب هذا النوع من الموسيقى شعبية، إذ قاموا بالرقص على أغنيته "وان لاف" بعد أن قرروا إضافة الريغي إلى قائمة التراث. ويبدو صوت موسيقى جزيرة الكاريبي في ظاهره مبهجا وباعثا على الشعور بالارتياح، ولكن هذا يبدو أمرا خادعا إلى حد ما: إذ إن القمع والظلم في العهد الاستعماري والظلم الاجتماعي والعزلة السياسية من ضمن المواضيع التي تناولتها كلمات أغاني الريغي لمغنين مثل بوب مارلي وبيتر توش وجيمي كليف. وأشادت اليونسكو بعمق كلمات الريغي وقالت: "الإسهام الدولي (لهذه الموسيقى) في قضايا الظلم والمقاومة والحب والإنسانية يؤكد أن ديناميكيات العنصر لها تأثيراتها العقلية والسياسية والاجتماعية والحسية والروحية". ونشأت الريغي من رحم الشعور بخيبة الأمل الذي أعقب استقلال جامايكا من بريطانيا عام 1962. ويقول جيريمي كروبو داجنين، الخبير بموسيقى الريغي في جامعة أورلان في فرنسا، إنه في بداية الأمر كان هناك شعور جمعي بالسعادة في الجزيرة بعد الاستقلال، وهو ما ينعكس في التفاؤل الذي ظهر في موسيقى سكا. ودرس داجنين المعنى الثقافي لهذا النمط: "مع مرور الوقت، بدأ مواطنو جامايكا في الشعور بخيبة الأمل لأنه لم يتغير شيء: الفقر والظلم لم يتغيرا. هذا الشعور أدى إلى مولد موسيقى الريجي في أواخر ستينيات القرن الماضي". ويعود اسم هذه الموسيقى، وفقا لداجنين، إلى اللغة العامية في جامايكا. وأكسب المغني توتس هيبرت هذا الاسم شعبية بسبب أغنيته "دو ذا ريغي" التي صدرت عام 1968. وتنبع كلمة ريغي من كلمة "ستريجي" التي تستخدم لوصف المرأة التي ترتدي ملابس رثة. ويذكر أن العهد الذهبي لموسيقى الريغي كان في سبعينيات القرن الماضي، عندما تولى مايكل مانلي رئاسة الوزراء في جامايكا، حسب ما قاله داجنين. وكان كثير من الفنانين في كينجستون، عاصمة جامايكا، في ذلك الوقت، من اليساريين ومقربين من مانلي. وتعد أغنية "سوشيلازم اذ لاف" للمغني ماكس روميو، التي صدرت عام 1974، خير مثال على ذلك. ويقول داجنين: "الريغي هي مرآة للثقافة والتاريخ في جامايكا لأنها تعكس بوضوح هذه الثقافة والتاريخ"، مضيفا: "عندما تستمع أغاني ريغي تتعلم أمورا بشأن العبودية والاستعمار والظلم الاجتماعي والعنف الاجتماعي والتقسيم العرقي وحركة راستافارية". ويوضح داجنين أن الموسيقى تعكس جامايكا الحقيقية. ولكن داجنين أشار إلى أن الريغي تحظى بشهرة عالمية لأنها تنبذ الظلم الاجتماعي، الذي يعاني منه الناس حول العالم، مضيفا: "ناهيك عن إيقاعها الرائع والمميز". في إحدى أغانيه الشهيرة "ريديمشن سونغ" يغني مارلي، الذي توفى عام 1981 بسبب مرض السرطان عن عمر يناهز 36 عاما، عن صعوبة وضرورة أن يعمل المرء على تمكين نفسه. وتقول كلمات الأغنية: "حرر نفسك من العبودية العقلية، نحن فقط من يمكننا أن نحرر عقولنا". ولكن الريغي ليست مقصورة على المحتوى السياسي فقط، فالمواضيع مثل الحب والروحانية والدين تلعب دورا رئيسيا في أغاني موسيقى الريغي. وأوضح داجنين أن ثقافة راستافاري تؤثر أيضا على الكلمات والألحان، ما أعطى موسيقى الريغي طابعا أكثر إفريقية من نمطي سكا وروكستيدي. وساهم المغني إريك كلابتون في دمج موسيقى الريغي في الثقافة العامة عام 1974 بأغنية "اث شوت ذا شريف" التي غناها مارلي وفريق ذا ويليرز عام 1973. وحازت موسيقى الريغي على تصنيف خاص بها ضمن جوائز الجرامي، حيث تم إدراج جائزة أفضل ألبوم لموسيقى الريغي منذ 1985. ويمكن الشعور بحضور موسيقى الريغي بقوة عبر موسيقى هذه الأيام من خلال فنانين مثل شون بول. ومع ذلك فإن الموسيقى التي بدأت منذ ما يقرب من نصف قرن مازالت تحتل المرتبة الأولى للمواطنين في جامايكا. *د.ب.أ