أجمع المشاركون في ندوة مغاربية حول "البناء المغاربي، أي دور للفاعل الاقتصادي؟" على أهمية الجانب الاقتصادي في تجاوز التحديات التي تعيق بناء مغرب عربي كبير، مؤكدين أن هذا التكتل قادر على مواجهة القيود البيئية المشتركة، ومشكل ندرة المياه، والجفاف، وقضية التغيرات المناخية، والطاقة وتدبير النفايات. وأوضح الحاضرون ضمن الموعد نفسه أن الاقتصاد الأخضر سيمكن من خلق فرص عديدة للتنمية في البلدان المغاربية إذا تم حل الصراع الحدودي بين الجزائر والمغرب، وكذلك التطورات في قضية الصحراء. إدريس لكريني، رئيس منظمة "العمل المغاربي"، أكد خلال الجلسة الأولى للندوة، التي نظمت بشراكة بين منظمة "العمل المغاربي" ومؤسسة "هانس سايدل" الألمانية، "أن البناء المغاربي يسائل مختلف المؤسسات والجهات، رسمية وغير رسمية، داخل دول المنطقة، مما يفرض تقدير المخاطر والتحديات التي تواجه المنطقة بدون استثناء، كما يقتضي أيضا الإيمان بأن عالم اليوم هو عالم التكتلات الاقتصادية بامتياز". أما ميلود السفياني، ممثل مؤسسة "هانس سايدل"، فأشار إلى أن "المنطقة المغاربية ما زالت لم تستفد من إمكانياتها وفرصها الاقتصادية، والعلاقات التجارية والاقتصادية بين دولها مازالت ضعيفة تضيع معها الكثير من الإمكانات". فيما أشار فتح الله ولعلو، الباحث الاقتصادي والفاعل السياسي، إلى "الثمن الباهظ الذي تؤديه شعوب المغرب العربي، بسبب غياب المشروع المغاربي، سواء على المستوى الأمني أو الاقتصادي، والعاطفي أيضا"، مبرزا أن الفرص الضائعة والمهدورة تعود إلى تباعد الاستراتيجيات الاقتصادية. وأوضح أن حل المشاكل العالقة بين المغرب والجزائر يقتضي استحضار الجوار. وتناول نجيب الكتاني، رئيس منظمة "مغرب إفريقيا الثقافة والتنمية" ووزير دولة سابق بغينيا بيساو، واقع العلاقات الاقتصادية بالدول المغاربية، التي "تتميز بنوع من الصراع والتنافس"، مضيفا أن "العديد من المشاكل بين الدول المغاربية كالحدود ناتجة عن الإرث الكولونيالي الاستعماري"، وأن العلاقات المغربية الجزائرية ستشكل دعما قويا لنجاح البناء المغاربي، مشيرا إلى أن التكتلات الاقتصادية بإفريقيا لها مستقبل واعد. وبيّن حبيب حسن اللولب، أستاذ التاريخ المعاصر بالجامعة التونسية، أن "المناطق الحدودية بين الدول المغاربية كانت مساندة للكفاح ضد الاستعمار وساهمت في التحرر، لكن بعد ظهور الإرهاب أصبحت تهدد استقرار الدولة والمنطقة كذلك". وناشد المسؤولين ب"فتح باب الاستثمار والتنسيق في المناطق الحدودية كمدخل قوي وفعال للبناء المغاربي". جدير بالذكر أن هذه التظاهرة العلمية تناولت عدة محاور، منها "المشروع المغاربي.. الكلفة والآفاق"، و"واقع التجارة البينية المغاربية"، و"مآلات التكامل الاقتصادي المغاربي على ضوء التنافس المغربي الجزائري"، و"دور الطرق الصوفية في تعزيز التعاون الاقتصادي المغاربي"، و"العلاقات الاقتصادية المغاربية والأمن الغذائي"...