أكد المشاركون خلال الجلسة الافتتاحية لندوة مغاربية تحت عنوان "ثلاثون عاما على الاتحاد المغاربي.. الرهان والتحديات"، أول أمس السبت، بقصر بلدية مراكش، الذي شهد توقيع اتفاقية مراكش عام 1989 المنشئة لاتحاد المغرب العربي، أنه رغم الصعوبات القائمة التي أثرت بالسلب على أداء الاتحاد، فإن البناء المغاربي خيار استراتيجي يستجيب لرغبة شعوب المنطقة ومدخل لمواجهة تحديات داخلية وخارجية مشتركة، في زمن تنامى فيه الرهان دوليا على التكتل كخيار مربح. ودعا المشاركون في هذه الندوة التي نظمتها منظمة العمل المغاربي، بشراكة مع مؤسسة هانس سايدل، إلى تجاوز الخلافات واستحضار المشترك، لبناء تكتل إقليمي واعد، يسمح بكسب رهانات تنموية واستراتيجية، كفيلة باستثمار المقومات الوازنة المتوافرة، على طريق تحقيق التقدم والرفاه لشعوب المنطقة. وأجمع المشاركون، ضمنهم باحثون وخبراء وفاعلون من الدول المغاربية، على ضرورة تعزيز العلاقات المغاربية وطي الخلافات، والمطالبة بفتح الحدود بين الدول المغاربية وتعزيز التعاون والتنسيق، لتجاوز حالة الجمود القائمة وكسب رهانات مشتركة. وأكد الطيب البكوش، الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، على أهمية دور المجتمع المدني في البناء المغاربي ووحدة اتحاد المغرب العربي، مشيرا إلى أن هذه الندوة تشكل مناسبة ورمزية كبرى يجب أن تكون حافزا لنا على التقدم بالبناء المغاربي المتعثرمنذ مدة طويلة. وأوضح الأمين العام لاتحاد المغرب العربي في كلمة ألقاها بالمناسبة، أنه راسل وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد من أجل عقد اجتماع تحضيري، تمهيدا لعقد القمة السابعة لقادة الدول المغاربية، في محاولة لتجاوز وضعية الجمود التي يشهدها اتحاد المغرب العربي، منذ سنين، علما أن آخر قمة تعود إلى سنة 1994 بتونس. وأضاف، في هذا الصدد، أن القمة المغاربية هي سلطة القرار الأساسية الوحيدة، على أمل أن تكون سنة 2019 هي المناسبة التي تلتئم فيها هذه القمة لتعطي دفعا جديدا وانطباعا للعالم بأن اتحاد المغرب العربي حي يرزق ويمكن أن يتقدم بمزيد من الاندماج والوحدة والتعاون. وأشار الأمين العام لاتحاد المغرب العربي إلى أن ما يثلج الصدر هو رمزية مكان انعقاد هذه الندوة التي اجتمع فيها الزعماء المغاربيون قبل ثلاثين سنة ووقعوا اتفاقية إنشاء اتحاد المغرب العربي، على أمل أن يعرف الاتحاد المغاربي تطورا وتقدما ومزيدا من التنسيق والتعاون. من جانبه، أكد إدريس لكريني، رئيس منظمة العمل المغاربي، أنه رغم المشاكل التي تواجه الاتحاد وتكرّس جموده، إلا أنه سيظل مشروعا استراتيجيا للحاضر والمستقبل، وتفعيله سيسمح حتما بالمساهمة في كسب عدد من الرهانات المغاربية. وأوضح لكريني، الذي يشغل أيضا مدير مختبر الدراسات الدولية حول إدارة الأزمات بجامعة القاضي عياض، أن تفعيل البناء المغاربي خيار مشروع وقابل للتحقق، خصوصا إذا ما تم التركيز على المحدد الاقتصادي كسبيل لتشبيك المصالح بين الدول المغاربية وطي الخلافات بشكل سلس يدعم وحدة وسيادة الدول الأعضاء. ودعا لكريني في هذا الصدد، إلى اعتماد مقاربات تشاركية ضمن آليات اتخاذ القرار داخل الاتحاد بالانفتاح على إسهامات الفاعل الاقتصادي وفعاليات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والجامعات ومختلف النخب المغاربية الداعمة لهذاالمشروع. ونوه لكريني بالمجهودات التي تبذلها الأمانة العامة للاتحاد المغاربي لتجاوز الإشكالات المطروحة أمام البناء المغاربي، مذكرا بمشروع القطار المغاربي وسعي الأمانة العامة لحشد الموارد المالية اللازمة لتحديث وتأهيل خطوط السكك الحديدية لربط ثلاث دول في مرحلة أولى هي المغرب والجزائر وتونس، بقطار مغاربي. وأكد على أهمية هذه المبادرة التي ستسهم حتما في تحريك الأجواء الجامدة بين الدول المغاربية، وتعطي لأجيالها الراهنة أملا في فضاء مغربي قوِي. وأشار إلى أن حصيلة الاتحاد المغاربي لثلاثة عقود مضت، لم تكن مرضية، بسبب الجمود الذي أحاط بمؤسساته وآلياته، ما كلف المنطقةالكثير من الخسائر على شتى الواجهات، في الوقت الذي راكمت فيه الكثير من التكتلات الاقتصادية في أوروبا وآسيا وأمريكا وإفريقيا، مجموعة من المكتسبات التي أهلتها للتفاعل بشكل إيجابي مع المتغيرات الدولية الراهنة. بدوره، أوضح ميلود السفياني، ممثل مؤسسة هانس سايدل الألمانية، أن تنظيم هذه الندوة تأتي في فترة دولية إقليمية أصبحت تتطلب التعاون الاقتصادي في إطار تكتلات كبرى، مشيرا إلى أن المنطقة المغاربية تتوفر على كافة الشروط والمرتكزات لقيام تكتل اقتصادي إقليمي مهم، سيمكنها من تحقيق الكثير من المكاسب. وأضاف السفياني أن تطوير العلاقات الاقتصادية بين دول المغرب الكبير، سيسمح لهذه الأخيرة بتحقيق مكتسبات على المستويين الإفريقي والأوروبي، بل وعلى الصعيد الدولي، "وهو أمر يتطلب انخراط الفاعلين الاقتصاديين من الدول الخمس من مقاولات ورجال أعمال وشركات"، يقول ممثل مؤسسة هانس سايدل. وتضمنت أشغال هذه الندوة، مجموعة من المواضيع البالغة الأهمية، همت على الخصوص السياق التاريخي للاتحاد المغاربي، والإطار القانوني للاتحاد، ومقومات التكتل المغاربي، والرهانات الاقتصادية والاستراتيجية، والاتحاد المغاربي والتحديات الدولية والإقليمية الراهنة،وكلفة جمود البناء المغاربي، ومداخل تفعيل البناء المغاربي، والمغرب والاتحاد المغاربي.