قالت مصادر مطلعة على ملف مصفاة "سامير" المتوقفة عن الاشتغال إن عدداً من المستثمرين أبدوا رغبة كبيرة في اقتناء الشركة بديونها الكبيرة والتزموا بالاستثمار في هذا القطاع، لكن يطلبون ضمانات من الدولة للإقدام على هذه الخطوة بالغة الأهمية. وعكس ما صرح به وزير الطاقة والمعادن عزيز رباح في البرلمان، الثلاثاء الفائت، بعدم وجود أي مشتر للشركة الخاضعة للتصفية القضائية، أكدت هذه المصادر، في تصريح لهسبريس، وجود بضعة مشترين مهتمين بالملف، لكنهم يواجهون خمسة عوائق يجب على الدولة التجاوب بخصوصها معهم. أول عائق حسب هؤلاء المشترين المحتملين يتعلق بمستقبل التهيئة العمرانية لمدينة المحمدية، وهذا الأمر سيجيب على موقع المصفاة في المدينة خلال الخمس عشرة سنة المقبلة، لأن عائد الاستثمار من هذا الحجم يتطلب حسابه على مدى عشر سنوات أو 15 لكي تكون الرؤية واضحة. أما العائق الثاني فيتحدث عن مستقبل المواصفات البترولية في المملكة. وتقول مصادرنا إن هؤلاء المستثمرين الراغبين في شراء شركة "سامير" يريدون معرفة التغيرات المحتملة على هذه المواصفات لكي يتم أخذها بعين الاعتبار في استثمارهم الكبير. كما يعتبر هؤلاء المستثمرون أيضاً أن هناك مقتضيات قانونية صدرت سنة 2016 حول تدابير التخزين والتصدير تقف عائقاً أمامهم، إذ "تجبر أي مصفاة تلجأ إلى تصدير منتجاتها في وقت تحتاج البلاد إلى احتياطات على أداء رسوم في حدود 10 آلاف درهم عن كل طن يتم تصديره". أما المطلب الرابع للمستثمرين لإنقاذ مصفاة "سامير" من التوقف المستمر هو "عودة الحقوق الجمركية على الواردات الصافية بالنسبة لسامير". وهذا الأمر "جار به العمل في ما يخص القمح والسكر وجميع القطاعات الصناعية التي لها إنتاج محلي"؛ في حين تورد مصادرنا أن العائق الخامس يتعلق بمعالجة موضوع التضريب المزدوج. وقالت مصادرنا إن هذه العوائق الخمسة "تُعيق الاستثمار في مصفاة سامير، وهو ما يتطلب من الدولة المغربية إعلان اتفاقية استثمار خاصة بصناعة تكرير البترول، تُحدد فيها الضمانات المطلوبة، وبالتالي إنهاء مسلسل مسطرة التفويت المستمرة منذ سنوات". وبالإضافة إلى المستثمرين المهتمين بشراء سامير، يوجد خيار ثان يتعلق بالدائنين الكبار الدوليين، الذين أشارت مصادرنا إلى أنهم دخلوا في مفاوضات واقترحوا تحويل ديونهم إلى رأسمال، لكن لم يصلوا إلى توافق مع الحكومة في ما يخص حصة ديون الجمارك رغم أنهم اقترحوا على الدولة الدخول في الرأسمال في مرحلة أولى في أفق شراء حصصها في ما بعد. وبالإضافة إلى هذه العوائق التي أكد مصدرنا أن معالجتها سينهي أزمة سامير بشكل سريع، باتت تصريحات الوزير الوصي على قطاع الطاقة والمعادن والتنمية تثير المخاوف، إذ قال إن أغلبها "تعمل على تنفير أي استثمار محتمل في الشركة". ورداً على كون خوصصة سامير تمت باتفاق مع العمال كما صرح بذلك وزير الطاقة والمعادن بمجلس المستشارين الأسبوع الجاري، نفى أحد النقابيين في الشركة، في اتصال مع هسبريس، هذا الأمر، معتبراً أن "الوزير يجهل قانون الخوصصة". وأضاف النقابي ذاته: "هل يعرف الوزير أن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل خاضت إضراباً لمدة 35 يوم سنة 1989 وأسقطت سامير من اللائحة الأولى للخوصصة؟ إلى أن أدرجت من جديد في لائحة المؤسسات العمومية المخوصصة سنة 1997". كما أشار المتحدث، الراغب في عدم كشف هويته، إلى أن "قانون خوصصة المؤسسات العمومية لا يتحدث إطلاقاً عن إجراء اتفاق مع العمال والنقابات"، متسائلاً في هذا الصدد: "هل ستتفق الدولة مع عُمال فندق المامونية ومحطة تهدارت قبل خوصصتهما؟". جدير بالذكر أن القضاء كان قد أصدر حُكماً بالتصفية القضائية لشركة سامير، التي تمت خوصصتها في التسعينيات، سنة 2016 بعدما توقفت عن الإنتاج صيف 2015 بسبب تراكم ديونها التي بلغت 42 مليار درهم، نصفها لمؤسسات عمومية. وقبل أسابيع أصدرت المحكمة التجارية في الدارالبيضاء قراراً جديداً يقضي بتمديد التصفية القضائية إلى مسؤولي المصفاة الكبار، وعلى رأسهم السعودي محمد الحسين العامودي، الرئيس المدير العام، وجمال محمد باعمر، المدير العام.