تزامنا مع الاحتفاء بالذكرى الثالثة والأربعين للمسيرة الخضراء، أقدم عدد من المسؤولين الجهويين والإقليميين والمنتخبين بمجموعة من الجهات والأقاليم على تدشين مشاريع تنموية مختلفة، وإعطاء انطلاقة أوراش كبرى ذات طابع اقتصادي واجتماعي ورياضي وثقافي وبيئي وسياحي. ومن ضمن تحركات المسؤولين في هذا الصدد إقدام عامل إقليمخريبكة ورئيس المجلس البلدي لوادي زم على إعطاء انطلاقة أشغال تهيئة سوق أسبوعي جديد، وتدشين نهاية أشغال مركز صحي، وإعطاء انطلاقة أشغال بناء مدرسة. وفي الوقت الذي عبرت فئة من السكان عن استحسانها للمشاريع المشار إليها، نظر فاعلون جمعويّون ومتتبعون للشأن المحلي بوادي زم إليها بازدراء واستصغار، وفتحوا نقاشا حول قيمتها وأهميتها وراهنيتها ومدى استجابتها لتطلعات الساكنة وانتظاراتها، خاصة فئة الشباب، التي تعقد آمالا كبيرة على المسؤولين الترابيين والمنتخبين لتحسين أوضاعها المعيشية، عبر تعزيز المدينة بالمشاريع الكفيلة بتوفير فرص للشغل. مشاريع صادمة منصف الرفيق، أحد متتبعي الشأن المحلي بوادي زم، قال إن "رئيس المجلس البلدي، في عهد العامل السابق، كان يربط غياب المخططات التنموية والمشاريع المحلية ب"البلوكاج" على مستوى العمالة، ولا أحد كان يعرف حجم المشاريع المقصودة، إلى أن استبشر سكان المدينة خيرا بحلول العامل الجديد، خاصة حين سارع إلى عقد لقاءات متتالية مع المنتخبين، ونظم زيارات مباغتة لعدد من المرافق العمومية". وأضاف منصف الرفيق، في تصريح لجريدة هسبريس، أن "سكان المدينة صُدموا في الأيام الأخيرة حين أُعْلِنَ عن المشاريع في العهد الجديد، حيث برزت الرؤية والأولويات التي سطرها القائمون على تدبير الشأن المحلي، والتي تمّ استنباطها بالتأكيد من ممثلي الساكنة، ومن خلال تشريح الوضع المرتبط باللوبي العقاري أكثر مما تهتم بالحاجيات الحقيقية للساكنة وانتظاراتها من التنمية المحلية". وقال المنصف إن "آلاف السجناء بسبب النصب والاحتيال عبر الشبكة العنكبوتية، وآلاف المبحوث عنهم في القضايا ذاتها، وعشرات حالات الانتحار والمشردين وغيرها من المآسي لم تشكّل لدى المسؤولين أي مؤشر لاستشراف المستقبل، ولم تحفزهم على ضرورة اعتماد المقاربة التشاركية مع الشباب والفاعلين محليا، من أجل بلورة مشاريع في المستوى المطلوب"، مؤكّدا أن "العديد من أوجه التنمية لا تحتاج إلى المال، بل فقط إلى إرادة رجال شرفاء يقدرون المسؤولية التي وضعها فيهم ملك البلاد". وأشار المتحدث ذاته إلى أن "الحي الصناعي متوقف منذ 1989 إلى الآن، والعديد من المشاريع توقفت بداعي الإجراءات القانونية، وظلت على تلك الحالة عقودا، كدار الثقافة، وتسوية الوعاء العقاري لحي المسيرة، والأسواق النموذجية المعطلة، وإقبار مشروع الحزام الأخضر...". وأضاف أن "شباب وادي زم لم يعودوا يتحملون هذا الهدر للزمن التنموي، ولا يقبلون بأن يتم رهن المشاريع المدينة بالفترات الانتخابية". وقال الرفيق إن "مراجعة أسعار سيارة الأجرة الكبيرة، مثلا، أهم من العثور على ممرض واحد لفتح وإغلاق مركز صحي، في الوقت الذي نجد كل مواليد سنة 2000 وما بعدها من أبناء المنطقة مسجلين بالمقاطعة الرابعة لمدينة خريبكة عوض وادي زم"، مؤكدا أن "شباب المنطقة في حاجة إلى الإدماج في سوق الشغل، خاصة بالمجمع الشريف للفوسفاط، وفتح ملحقة للمكتب الوطني لإنعاش الشغل بوادي زم، عوض تدشين سوق جديد على أراضي الجموع من أجل بيع أرض السوق الحالي، وبناء مدرسة في تجزئة سكنية لا تزال مجرد بقع أرضية خالية من المباني، وتدشين مستوصف غير قادر على تلبية الحاجيات الصحية للساكنة". بُعدٌ عن التنمية وهواجس انتخابية أما محمد المبروكي، وهو من الفعاليات الجمعوية بالمدينة، فيرى أن "وادي زم من المدن المغربية التي تعاني أزمات سوسيومجالية واقتصادية وسياسية أيضا، بسبب مجموعة من العوامل التاريخية والقيميّة، إضافة إلى مشاكل مرتبطة بالتسيير على المستوى المحلي، وهو ما يجعل الأوضاع في وادي زم تسير في اتجاه الاحتقان، أمام ضعف المشاريع التي تستأثر باهتمام المسؤولين عن تدبير شأن المدينة". وأشار المبروكي إلى "غياب مشروع تنموي واضح المعالم من طرف الدولة من جهة، والمجلس البلدي من جهة ثانية، مما يجعل المدينة بعيدة كل البعد عن التنمية المحلية المنشودة، خاصة مع تراجع دور الأحزاب في المدينة، وتخليها عن دورها الأساسي في تأطير أفراد المجتمع، وصياغة البرامج التنموية التي تعود على المدينة بالنفع، إضافة إلى تضييق الخناق على فعاليات المجتمع المدني على مستوى الدعم، إذ أن المجلس البلدي يتعامل مع الجمعيات بانتقاء كبير، إذ يتعامل فقط مع الجمعيات الموالية له انتخابيا، فيما تعيش باقي الجمعيات حالة من النفي والحرمان حتى من الفضاءات العمومية التي تتم الاستفادة منها بمنهج الانتقاء". وأشار المتحدث ذاته إلى أن "وادي زم تفتقر إلى مشروع اقتصادي غايته تقليص معدل البطالة، بل نرى مشاريع ترميمية تحاول الاستثمار في المصوتين على الحزب الحاكم"، مؤكدا على ضرورة "فك العزلة عن المدينة بواسطة مشاريع تساهم في السياحة والنقل، لأن القطار لا يتحرك في وادي زم إلا مرتين في اليوم، وهذا ما يشكل عرقلة على مستوى التنقل من وإلى المدينة، مع ضرورة تشجيع الاستثمار من أجل تنمية المدينة، إذ من العار أن نجد جمعيات لها شراكات أكثر من المجلس البلدي الذي يعيش حالة من الجبن في هذه النقطة بالضبط". وقال المبروكي إن "أي مشروع تم وضعه، سواء من طرف المجلس البلدي أو الحكومة أو السلطات المحلية، ولم يراع الجانب الاقتصادي، يكون مآله الفشل، والمشاريع التي تم تدشينها في الآونة الأخيرة لن تنفع المدينة في شيء لأن الساكنة في حاجة ماسة إلى مصنع أو وحدة اقتصادية ولو صغيرة، وغير هذا يعتبر هدرا للوقت والجهد". وطالب المتحدث ذاته ب"تفعيل المكتسبات الدستورية كالديمقراطية التشاركية، وإدماج الفعاليات المدنية والمنظمات غير الحكومية، والتفاعل مع عرائض الجمعيات"، مشيرا إلى أن كل هذه الإجراءات المهمة لا يقوم بها المجلس البلدي لوادي زم، الذي يقتصر تفكيره فقط في كيفية كسب الانتخابات القادمة". وعن الجانب المرتبط بالبنية التحتية، أكّد المبروكي على ضرورة "الاهتمام بالبنية المعمارية وهندستها، خاصة بعدما أصبحت الأحياء العشوائية تهيمن على المدينة بنسبة كبيرة، مما أدى في الآونة الأخيرة إلى أزمة مجالية تحد من ديناميتها"، مشيرا إلى ضرورة "تفعيل دور النواب البرلمانيين، الذين لا يظهرون إلا في الفترات الانتخابية، والإصغاء إلى سكان المدن المنتمية إلى إقليمخريبكة عموما". المشاريع الجديدة بالأرقام وحاولت هسبريس الاتصال برئيس المجلس البلدي لوادي زم من أجل أخذ رأيه في الموضوع، غير أن هاتفه ظل يرن دون مجيب، في الوقت الذي حصلت الجريدة على معطيات مرتبطة بالمشاريع التي أعطيت انطلاقتها في الآونة الأخيرة، تشير إلى أن السوق الأسبوعي الجديد لمدينة وادي زم، الذي أعطيت انطلاقة أشغاله من طرف عامل خريبكة ورئيس المجلس البلدي لوادي زم، يقع على مساحة 11 هكتارا و76 ارا و80 سنتيارا، بغلاف مالي يقدر ب31 مليون درهم. وجاء ضمن المعطيات ذاتها أنه "تعزيزا للبنيات التحتية الصحية بالإقليم، والهادفة إلى تقريب الخدمات الصحية من المواطنين، تم تدشين نهاية أشغال المركز الصحي "المسيرة" المنجز بغلاف مالي يصل إلى 1815470 درهما من ميزانية وزارة الصحة، مما سيمكن من تحسين ولوج الخدمات الصحية لأزيد من 25000 نسمة". وأشارت المعطيات نفسها إلى أنه "تشجيعا للتمدرس والحد من الهدر المدرسي، تم إعطاء انطلاقة أشغال بناء مدرسة بتجزئة البستان على مساحة 4488 مترا مربعا، ستضم 19 قسما، بغلاف مالي يقدر ب6 ملايين درهم ممولة من طرف شركة العمران بني ملالخنيفرة، حيث ستمكن 608 تلاميذ من التمدرس".