لم تخل الكلمة الافتتاحية للمؤتمر الوطني السادس للكونفدرالية الديمقراطية للشغل من توجيه انتقادات بالجملة إلى حكومة سعد الدين العثماني، محملة إياها مسؤولية ما يعرفه المغرب الْيَوْمَ من "تراجعات على كافة المستويات". واعتبر علال بلعربي، النائب الثاني للكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في كلمته بالجلسة الافتتاحية مساء الجمعة بمركب مولاي رشيد بمدينة بوزنيقة، أن المغرب "يعيش على إيقاع حكومة تبحث عن ذاتها المفقودة، وهويتها الضائعة؛ حكومة مرتبكة مترددة غير مدركة لمتطلبات المرحلة الوطنية في سياقها التاريخي". وتابع بلعربي، في المؤتمر الوطني السادس، تحت شعار "نضال متواصل من أجل الحرية، الديمقراطية والتنمية والعدالة الاجتماعية"، أن حكومة العثماني "شاردة تدبر الشأن العام بدون تصور، وتتخذ قرارات بشكل انفرادي، منفذة للتعاليم المقدسة لصندوق النقد الدولي برؤية تقنية وبشكل أعمى غير مبالية بالحاجيات الاجتماعية للشعب المغربي". وشدد القيادي في CDT، وسط حضور 1200 مؤتمر، على أن الحكومة الحالية "تسير في اتجاه خوصصة التعليم والصحة، والتخلي الكلي عن الخدمة العمومية"، لافتا إلى أنها "جمدت الأجور والتعويضات وتنصلت من الالتزامات، خاصة ما تَبقّى من اتفاق 26 أبريل، وحاصرت الحريات العامة والحق في الاحتجاج، كما حاصرت الحريات النقابية وأجهزت على المكتسبات الاجتماعية". وبخصوص الحوار الاجتماعي الذي فشلت الحكومة فيه مع المركزيات النقابية، أكد بلعربي أَن حكومة العثماني "لا تؤمن بالحوار الذي ينتمي إلى الثقافة الديمقراطية، والذي يُسهم في حفظ التوازن داخل عالم الشغل، ويعيد الثقة المفقودة في المؤسسات"، مضيفا أنها "لا تمتلك هذه الثقافة الحديثة، وتعيش وضعا مُلتبسا وغير واعية بمخاطر الأزمة الاجتماعية وتداعياتها، لترمي بذلك نفسها في دائرة الاستبداد الجديد الصاعد". ودعا القيادي نفسه في وقت تعالت الشعارات ضد حكومة العثماني بالقاعة إلى "التعبئة لمواجهة حكومة الديباناج"، وفق تعبيره، وزاد: "علينا أن ننزل إلى الشارع لفضح أسباب هذا البلاء الذي يعرفه المواطن". وعرج بلعربي، في كلمته التي ألقاها نيابة عن المكتب التنفيذي للكونفدرالية، على مسألة الخيار الديمقراطي، إذ أكد أن الديمقراطية "لا يمكن اختزالها في انتخابات صورية مصنوعة ومضبوطة النتائج من خلال لوائح الانتخابات ودور لوبيات المال والفساد"، مضيفا أن "الانتخابات حتى ولو كانت نزيهة فهي لا تمثل سوى عنصر من عناصر الديمقراطية التي تتمثل أساسا في المساواة وإقرار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين". وأكد الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم أن الدولة مطالبة بحسم الاختيارات الإستراتيجية للبعد الحضاري والخروج من ازدواجية الفكر والممارسة والنزعة التقليدانية، مضيفا: "ينبغي تحرير الدولة من تقاليد المخزن المكبلة للتقدم". وشدد المتحدث نفسه على أن العهد الجديد "ليكون جديدا عليه إحداث تغيير شامل في هياكل الدولة وتحديث بنياتها والارتقاء بالمجتمع والفرد، وهو ما يتطلب إصلاحات سياسية ودستورية في الجوهر في اتجاه دمقرطة النظام السياسي". واعتبر القيادي نفسه أنه بدون حسم الدولة في الخيارات الإستراتيجية وفق مشروع وطني واضح الأهداف والغايات، "سيظل المغرب يجتر تجارب الماضي بآفاق غير واضحة". ودعا المتحدث نفسه الدولة إلى ضرورة استخلاص العبر والدروس من الاحتجاجات في الريف وجرادة، واحتجاجات التلاميذ، من أجل إعادة النظر في نموذجها؛ كما يجب أن تكون هناك مراجعة دستورية. وعرفت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السادس للكونفدرالية الديمقراطية للشغل حضور عدد من الشخصيات، على رأسها محمد بنسعيد أيت ايدر، قيدوم اليساريين، ونبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، وعلي بوطوالة، الكاتب العام لحزب الطليعة الديمقراطي، وعبد السلام لعزيز، الكاتب العام للمؤتمر الوطني الاتحادي، ومصطفى البراهمة، الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي، وممثلون عن حزب التقدم والاشتراكية، وعبد الحميد الفاتيحي، الكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل، والكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، وممثلو نقابات دولية من إسبانيا، إيطاليا، بلجيكا، رواندا، السنغال، تونس، فلسطين، العراق، الأردن والبحرين.