قالت أميمة عاشور، رئيسة جمعية جسور ملتقى النساء المغربيات، إن العنف بالمغرب ليس مرتبطا بالمرأة فقط، بل بجميع شرائح المجتمع، وأضافت أن النساء اللائي لم يتابعن دراسة أو ليست عندهن شهادة معرضات للعنف أكثر من النساء المتعلمات بثلاث مرات، واصفة أوضاع هذه الفئة ب"الهشة اجتماعيا". ووضّحت عاشور اليوم الإثنين في "المنتدى الإقليمي الأول حول دور القيادات الدينية في تعزيز قدرات النساء والشباب من أجل مناهضة العنف وتحقيق السلم والأمن في الدول العربية"، الذي نُظّم بمقر الرابطة المحمّديّة للعلماء بالعاصمة الرباط، أن المؤشرات التي تقول إن العنف ضد النساء بالمغرب يتركز في المدن، وإن 8.6 بالمائة من الملفات المعروضة أمام المحاكم متعلقة بالعنف، لا تعني أن النساء في المناطق القروية لا يتعرضن للعنف، بل تعني أنهن يفضّلن الصمت. ورغم تثمينها بعض "التعديلات الإيجابية" التي عرفتها الحماية القانونية للمرأة بالمملكة، إلا أن رئيسة "جسور" عبّرت عن طموحها إلى الوصول إلى حماية قانونية أكبر للمرأة والفتاة والشاب والشابة في الفضاء العام والخاص، مضيفة أن المناهج التعليمية يجب أن تدمج قيم المواطنة وحقوق الإنسان والعيش المشترك، وأن الفضاءات التعليمية يجب أن تكون فضاء حقيقيا يرسّخ قيم المواطنة، ويوعّي الشباب والشابات بالأدوار القيادية التغييرية التي يمكن أن يقوموا بها في المجتمع. وشدّدت عاشور على أن التغيير في المناهج يجب أن يرافقه تدريب المعلّمات والمعلّمين حتى يحسنوا التعامل مع كل ما يمس حقوق الإنسان، معدّدة وسائل يمكِنُ توظيفها في إيصال رسالة مهمة حول المواطنة، مثل المسرح، والسينما، ومختلف الفنون، ومثمّنة، في هذا السياق، معرض الصور الكاريكاتورية حول العنف الموجّه ضد المرأة الذي تستقبله الرابطة المحمدية للعلماء. وبيّنت المتحدثة أن "جسور" تنطلق من قناعة حول إمكانية استعمال العالم الافتراضي بإيجابية من أجل الترافع حول حقوق المرأة وحقوق الإنسان، مقدّمة مثالا بمقاطع مصورة ترافعية تنجزها الجمعية، إلى جانب عملها مع الشباب في الجامعات ودور الشباب، وتنظيمها مسابقات تعطيهم الفرصة للإبداع في مجال الترافع؛ "لأنه إذا احترم الشاب أخته وجارته سيحترم غدا زوجته لكونه تربى في إطار ثقافة تحترم المرأة والرجل وتحترم حقوق الإنسان". من جهته رأى مصطفى المروني، رئيس قسم التشريع بوزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، أن قانون محاربة العنف ضد النساء قد انتصر للمرأة المعنّفة، وزاد موضّحا أن القانون لم يأت معزولا، بل استجاب للحركة حقوقية، والوثيقة الدستورية في سنة 2011 التي انتصرت لمبدأ المساواة في الاستفادة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بين الرجل والمرأة، مشيرا إلى حظرِ ديباجة الدستور التمييز المبني على النوع، إضافة إلى التراكمات القانونية التي كانت من بينها المصادقة على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، وبروتوكولها بعد ذلك، مع استحضار تعاليم الدين الإسلامي، والمجتمع المغربي. وسلّط المروني الضوء على بعض "نقاط قوة القانون" التي من بينها وضع إطار مفاهيمي محدد ودقيق، وتجريم بعض الأفعال بوصفها عنفا ضد المرأة؛ بمضاعفة العقوبة أو تشديدها، وسنّ وضعيات جديدة للمجرمين؛ مثل الإكراه على الزواج، والطرد من بيت الزوجية، والتحايل على مقتضيات مدونة الأسرة التي من بينها النفقة، وتجريم التحرش الجنسي، أو التعدي بالوسائل الحديثة، مع تشديد العقوبة في حالة تعنيف الحامل، أو القاصر على سبيل المثال، مؤكدا أن المرسوم التطبيقي بلغ آخر مراحله بعد دخول القانون حيّز النفاذ. مهدي الإدريسي، الباحث في العلوم السياسية، قال بدوره إن عدم إشراك المرأة في قياس وتتبع واقتراح وتقييم السياسات العمومية "عنف رمزي ضدها"؛ معرّفا هذا العنف بكونه عنفا غير ملموس وغير مرئي، "وكل ما من شأنه إهانة المرأة". وبيّن الإدريسي أنه من أجل رسم سياسات عمومية مستجيبة للنوع الاجتماعي يجب أن يعترف صانع القرار أوّلا بوجود فجوات نوعية بين النساء والرجال والمساواة كمشكل عمومي، معطيا مثالا على نتيجة هذا الاعتراف بمبدأ "الكوطا" الذي اعتُمد بوصفه "لا مساواة من أجل الوصول إلى المساواة". ومن بين شروط رسم سياسة عمومية مستجيبة للنوع الاجتماعي، أيضا، حسب المتحدّث ذاته، التشخيصُ، وإشراك المرأة وخصوصياتها، وإشراك الشباب، وتحديد الأطراف المشاركة في هذه السياسة من أجل الترافع والتواصل مع الأسر والأفراد والجماعات من أجل توعيتهم بإشكالات النوع، والوصول إلى المجتمع "عبر أحد أيسر المسالك"، الذي هو الفعاليات الدينية، مع أخذ شخصية متّخذي القرار بعين الاعتبار، وتركيب القوى السياسية، مع التعامل النقدي مع الدراسات العمومية لأنها تتغيّر.