السؤال الذي يدور في خلد الشعبين الجزائري والمغربي بعد الدعوة الصادقة التي وجهها ملك المغرب إلى الجارة للحوار الشجاع الذي قد يتجه بطموح نحو النهوض بالبلدين ونحو تجاوز مختلف الأسباب التي أدت إلى جمود الاتحاد المغاربي في ظل تحديات إقليمية متعددة متعلقة بمواجهة الإرهاب، الإشكالات المختلفة للهجرة، خاصة السرية منها، والتنمية كأساس لنهضة شعوب شمال إفريقيا، (السؤال) هو هل تلتقط الجزائر، وبالأحرى النظام السياسي الجزائري، الإشارة التي قدمها المغرب رسميا وعلانية للحوار وخلق أية آلية سياسية تتشكل من مسؤولي البلدين لمناقشة مفتوحة ودون أجندة مسبقة أو شروط تعالج وتطرح مختلف القضايا العالقة بينهما؟ لاشك أن الرأي العام بكلا البلدين ينتظران رد فعل الدولة الجزائرية التي أكد الخطاب على احترامه لها ولكل المؤسسات الوطنية الجزائرية دون استثناء، ويتساءل هل يمكن تحويل هذه الدعوة من طموح شجاع ومسؤول تجاه الشعبين وتجاه المستقبل إلى حقيقة على أرض الواقع تنطلق من نقاش ثنائي، خاصة وأن العلاقة بين البلدين تاريخيا كانت متداخلة، فيها التاريخي حيث اختار محمد الخامس دعم المقاومة الجزائرية ورفض مناقشة ترسيم الحدود مع الاستعمار الفرنسي مفضلا القيام بذلك مع الأشقاء، والروابط العائلية الممتدة لسنوات التي لم تقف أمامها مختلف الحواجز السياسية التي وجدت نفسها فيها، وصولا إلى المشترك الحالي وهوما طرحه الخطاب متمثلا في مواجهة الإرهاب، والتنمية وتحقيق نهضة اقتصادية تستثمر مختلف الإمكانيات التي يتوفر عليها كل بلد لتحقيق تكامل اقتصادي منتج للثروة. الخطاب أكد أن المغرب صادق في دعوته السياسية للحوار التي تنضاف إلى دعوة المغرب السابقة بفتح الحدود البرية التي تصر الجزائر للأسف على الاستمرار في إغلاقها ضد منطق التاريخ والمستقبل، وهما دعوتان لا تعبران عن أي ضعف مغربي، بل على العكس المغرب أقوى مما كان عليه ويسير مع أصدقائه في إفريقيا بثبات نحو بناء اقتصاد إفريقي تحرري، ويريد أن يكون جيرانه شركاء في أية تنمية مستقبلية، وأن يتم إحياء الاتحاد المغاربي كإطار وتكتل إقليمي يواجه مختلف التحديات المطروحة أمام شعوبه لا يمكن أن يتقدم إلا بقطبيه الأساسيين المغرب والجزائر. المغرب مد يده للجزائر من أجل المستقبل وهذه اليد الممدودة ليست شعارا أو مجرد بروبنغدا، بل هي تعكس رؤية مغربية ألاّ تقدم إلا بتكامل اقتصادي وسياسي بين الجيران، وهي دعوة تحظى بكل الدعم السياسي المغربي لأنها آتية من أعلى هرم في الدولة، برعاية رسمية سامية من طرف الملك، وهي إشارة إلى أن الخطوة ليست مجرد دعاية مجانية للمغرب، بل جدية ومفكر فيها، دعوة طموحة، شجاعة ومسؤولة من طرف المغرب، ليبقى التساؤل: هل تتجاوز الدولة الجزائرية تعقيدات مرحلة بومدين وتتجه نحو المستقبل وترد تحية المغرب بأحسن منها أو بمثلها؟ هل تلتقط الفرصة وتحولها إلى فرصة إيجابية تستجيب للمستقبل ولطموح الشعبين؟ تساؤل سيظل ينتظر الإجابة التي لا نتمنى ألا تكون إيجابية متطلعة إلى المستقبل.