يعد من أشهر لاعبي كرة القدم في وقته، لم يكن دخوله عالم الساحرة المستديرة مجرد صدفة، لقب بالصخرة الدفاعية لمنتخب الديكة الفرنسي، ودافع عن ألوان أعظم الأندية الأوروبية، كما دافع بمواقفه الإنسانية على المهاجرين والأقليات، حيث كرس جزءا كبيرا من حياته لمحاربة العنصرية بمختلف أشكالها، خصوصا أنه تعرض هو نفسه للتمييز بسبب أصوله الإفريقية، منذ أن جاء إلى فرنسا وعمره لم يتجاوز التسع سنوات بعد. ليليان تورام، هذا الإسم الذي ظل راسخا في أذهان جيل كأس العالم لسنة 1998 بعد تتويجه رفقه المنتخب الفرنسي بالبطولة العالمية، أنشأ، منذ اعتزاله اللعب، "مؤسسة ليليان تورام التربوية" والتي تسعى إلى مكافحة العنصرية والتمييز خاصة لدى فئة الأطفال، كما ألف تورام كتابا بعنوان "تاريخنا" عبارة عن شريط مرسوم، وكذا كتاب "نجومي السود"، وكتاب"من لوكي إلى باراك أوباما" يعرض فيه مسيرة أربعين شخصية من أصول إفريقية الذين كانت لهم بصمة في مجال العلوم والأدب والسياسة والفنون والرياضةن من قبيل محمد علي كلاي ومارتن لوثر كينغ وايميل سيزار وغيرهم، والذين غيروا مجرى المعادلة التي كانت ترجح دائما لكفة البيض على حساب ذوي البشرة السمراء. وفي تصريح صحافي على هامش زيارته لمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، أكد الدولي الفرنسي السابق أن الثقافة العنصرية مترسخة في أذهان الناس، وأنه اكتشف بمرور الزمن أن هذه الثقافة ما هي إلا نتاج تراكم تاريخي مكتسب وليست من طبيعة البشر، مشيرا إلى أن تتويج فرنسا بكأس العالم الأخيرة بروسيا، يشكل فرصة تاريخية من أجل تحقيق نقلة في طريقة التعامل مع قضايا العنصرية، ومنح اللاعبين من أصول مهاجرة الأمل والدعم لتحقيق نجاحات مشابهة لما حققه رفاق بول بوغبا. وعن سؤاله حول جدلية الرياضة والعنصرية، قال قلب دفاع برشلونة السابق، إن العنصرية في ملاعب كرة القدم وعلى الرغم من تزايدها، فإنها أقل ضررا من تلك الحقيقية المترسخة في المجتمع، مضيفا أن الرياضة بصفة عامة، وكرة القدم على وجه الخصوص، جاءت لتوحيد الشعوب ولصناعة الابتهاج، "وهو ما شعرت به أثناء جولتي بالحافلة مع المنتخب الفرنسي في احتفالات شوارع الإليزي سنة 1998، كان انتصارا للتلاحم الوطني بمختلف مكوناته العرقية". وأكد البطل العالمي أنه على الأجيال القادمة أن تفهم بأن الإنسان ليس عنصريا بطبعه، ولكنه يصبح كذلك بفعل عدة تراكمات ثقافية، وشدد على أنه في كل مرة يزور أطفال القارة السمراء، يحاول أن يشرح لهم أن البيض والسود سواء والتمييز بينهما لا أساس له، مشيرا إلى أن العنصرية تتعلق فقط برؤيتهم للآخر، "وهذه الرسالة هي أساس المؤسسة التي أنشأتها قبل عشر سنوات". يذكر أن توارم ولد في فاتح يناير 1972 في بلدة بوينتا بيتري في منطقة غواديلوبي، ويعتبر صاحب الرقم القياسي في عدد المباريات الدولية مع منتخب فرنسا، حيث شارك معه في 142 مباراة، محطما الرقم القياسي في اختياره ضمن تشكيلة الزرق، وكان له الفضل في وصول فرنسا إلى الدور النهائي في كأس العالم عام 1998 بتسجيله هدفين على كرواتيا. بدأ تورام (46 سنة) مشواره الكروي مع نادي موناكو الفرنسي قبل ذهابه إلى يوفنتوس الإيطالي، لينهي مسيرة مهنية حافلة بالإنجازات مع برشلونة الإسباني، بعد تأكيد إصابته بتشوه خلقي في قلبه كشفه الأطباء آنذاك، أدى به إلى اعتزال عالم الساحرة المستديرة سنة 2008، ليتفرغ بعد ذلك للعمل الاجتماعي تحت لواء "مؤسسة ليليان تورام التربوية لمحاربة العنصرية". *و.م.ع