دعا الحبيب المالكي المنظومة الدولية إلى التفريق بين الهجرة وبين التطرّف والإرهاب، وقال في افتتاح ندوة دولية يحتضنها مجلس النواب اليوم الثلاثاء، حول دور البرلمانات والمجالس الاقتصادية والاجتماعية والمؤسسات المماثلة لها في إفريقيا إزاء تحديات الهجرة، إن "الهجرة تحولت إلى شماعة تعلق عليها مختلف مشاكل بلدان الاستقبال والتحديات التي تواجهها؛ فعلى نحو خاطئ تُقرَن الهجرة بالتحدي الأمني وبالإرهاب، وباستفحال البطالة وارتفاع حجم الإنفاق العمومي على الخدمات الاجتماعية". وانتقد رئيس مجلس النواب المغربي طريقة تعاطي القوى السياسية في البلدان الغربية مع الهجرة، قائلا: "الأخطر هو توظيف الهجرة لاستجداء أصوات الناخبين؛ إذ أصبح المهاجرون بمثابة فزاعة حضارية وهوياتية توظَّف سياسيا وانتخابيا لربح الأصوات، من خلال خطاب انطوائي يفضّل الانغلاق والتعصب، ويمجّد كراهية الأجانب، ويكون مطية لاستصدار التشريعات التي تحدّ من تنقلات البشر". المالكي أردف أن ازدهار الخطابات العنصرية المناهضة للأجانب في عدد من البلدان العريقة في الديمقراطية والقوية اقتصاديا، "يُضمر نزوعا إلى رفض الآخر، في تناقض صارخ مع السياق الدولي ومع المرتكزات الأساسية التي تقوم عليها العلاقات الدولية القائمة على الانفتاح". ووصف رئيس مجلس النواب المغربي إقدام بعض البلدان على إغلاق حدودها أمام المهاجرين ب"المفارقة الغريبة"، قائلا: "إنها مفارقة غريبة بين الدعوة إلى حرية المبادلات الاقتصادية المطلقة من جهة، وإغلاق الحدود في وجه التنقلات البشرية من جهة أخرى"، معتبرا أن إغلاق الحدود في وجه المهاجرين بات مكونا أساسيا في البرامج السياسية لبعض الحكومات والقوى السياسية وجماعات الضغط. وفي الوقت الذي تمضي فيه عدد من الدول الغريبة في محاصرة الهجرة عبر إغلاق الحدود في وجه المهاجرين، اعتبر المالكي أن "وقف التدفقات الهجْروية لن يكون من خلال بناء الجدران وإغلاق الحدود، ولكن بالحوار وبالتصدي لأسبابها وجذورها". وأضاف: "المهاجرون الذين يغامرون في الأدغال والبحار، إنما يقومون بذلك مدفوعين بالحاجة الماسة، الحاجة إلى الشغل الضامن للكرامة، أو الحاجة إلى الأمن الذي افتقدوه جراء النزاعات الداخلية أو العابرة للحدود، أو جراء انهيار الدولة وسيادة الفوضى، أو الحاجة إلى تأمين الغذاء بعد أن أتلف الجفاف أو الفيضانات أراضيهم الزراعية ومصدر أرزاقهم". ودعا المالكي البرلمانات والمنظمات البرلمانية متعددة الأطراف والمجالس الاقتصادية والاجتماعية إلى الترافع من أجل استتباب السلم والاستقرار والأمن وتسوية النزاعات بالطرق السلمية، ومن أجل العدالة المناخية للجميع، وخاصة لإفريقيا، التي قال إنها "تؤدي ثمن اختلالات مناخية ليست دُولها وشعوبها مسؤولة عنها". بالموازاة مع ذلك، يضيف المالكي، "ينبغي العمل على تصحيح التمثلات الخاطئة للهجرة، وتوسيع دائرة المدافعين عن إيجابياتها وفوائدها وقيَمها المُضافة، من دول وتنظيمات سياسية واجتماعية وحركات مدنية وصناع الرأي العام، عكس الصور النمطية التي تُعطى عنهم"، مُبرزا أن المهاجرين هم "علاماتُ نجاح دراسي وعلمي وفني ورياضي وثقافي وإنتاجي، فبعد أن ساهموا في بناء بلدان الاستقبال، يساهمون اليوم في رخائها وازدهارها".