تعيش مدينة الصويرة على إيقاعات النسخة الخامسة عشرة من مهرجان "الأندلسيات الأطلسية"، الذي ينظم خلال الفترة الممتدة من 25 إلى غاية 28 أكتوبر. وقد أحيت فرقة "هابيوت" اليهودية أمسية ثقافية أنعشت ذاكرة الحاضرين، المغاربة والأجانب على السواء، بالتمازج التاريخي الذي وقع بين التراث اليهودي والمغربي (العربي والأمازيغي معا). ونثرت الفرقة اليهودية الشهيرة بذور التسامح والإخاء في قلوب الجمهور الغفير، الذي حجّ إلى الصويرة من أجل تكريس التعايش الثقافي بين الديانات، بعدما تسلّلت إليها بعض أوجه العنف والكراهية في السنوات الأخيرة. وقدمت المجموعة الغنائية، التي تمتح أغانيها من التراث الديني اليهودي بجهة درعة تافيلالت، معزوفات فنية رائعة عرفت تجاوبا مذهلا من قبل الحضور، إذ كان الدخول بالمجان، والشأن نفسه ينطبق على باقي السهرات الثقافية التي ستنظم طيلة النسخة الحالية. وقد أثارت هذه المبادرة الإيجابية، التي أقدمت عليها إدارة المهرجان، إعجاب مختلف المتتبعين للشأن الثقافي، لأن من شأنها أن تساهم في تعزيز الإقبال على الأنشطة الفنية من قبل السكان، فضلا عن جعل الموسيقى في متناول الجميع عوض أن تولع بها فقط النخبة التي تتحدر في الغالب من المدن العتيقة. ونجحت فرقة "هابيوت" اليهودية في تقديم شذرات من أشعار وقصائد الحاخام يعقوب أبي حصيرة، الذي عاش في القرن التاسع عشر. كما أمتعت الجمهور بألوان غنائية متنوعة سعت إلى تعميم ثقافة السلم بين المغاربة واليهود، لأن الإنسان في نهاية المطاف عبارة عن مخلوق إلهي. وعبر بعض أعضاء المجموعة عن سعادتهم البالغة بحضورهم ضمن وفود المهرجان، مبرزين أنهم إخوة للمغاربة، ولا يحسون بالغربة خلال وجودهم بالمملكة الشريفة. وفي هذا الصدد، قال إلياو، قائد مجموعة "هابيوت" للتراث الموسيقي اليهودي، في تصريح خصّ به جريدة هسبريس الإلكترونية، إن "أعضاء الفرقة الموسيقية تتراوح أعمارهم بين 24 و80 سنة، ونحن نؤدي أغاني الحاخام اليهودي ذي الأصل المغربي، أبي حصيرة، الذي عاش في منطقة تافيلالت". وأضاف المغني اليهودي أن "المجموعة الغنائية تركز على الألحان التي تنتمي إلى قاموس الزيارة والألفة، سيما أغاني يوم السبت التي يستمتع بها الناس بعد أسبوع كامل من العمل المضني"، مشيرا إلى أن "المسلمين واليهود عائلة واحدة لأن لهما جذرا واحدا، وأبرز دليل على ذلك هو الموسيقى المشتركة بينهما، والتي يتفاعل معها الطرفان دون أن يدركا الكلمات التي تتكون منها، باعتبار الموسيقى الأندلسية تصل إلى روح الإنسان".