لا حديث في مدينة وزان إلا عن قرار إلغاء وزارة الصحة لصفقة فتح الأظرف الخاصة بإنجاز الدراسة التقنية لمشروع بناء مستشفى إقليمي متعدد التخصصات، وهو القرار الذي خلف استياء كبيرا لدى مختلف الأطياف السياسية والنقابية والحقوقية بحاضرة دار الضمانة وضواحيها، التي بادرت إلى التعبير عن رأيها في بلاغات متفرقة، صادرة عن الكتابات الإقليمية للتنظيمات الحزبية. واعتبرت البيانات الصادرة هذا القرار محاولة لتنصل الحكومة المغربية ووزارة الصحة من جميع التزاماتهما ومسؤوليتهما لبناء المستشفى الإقليمي وضمان حق المواطنين في التطبيب والاستشفاء كحق كوني ودستوري، بينما اعتبر ذلك نتاجا لصراع سياسي وتسابقا انتخابيا قبل الأوان، وغيابا للتنسيق بين مختلف الفرقاء السياسيين، ما ضيع على المواطنين فرصة الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية. كرونولوجيا... في 21 من شهر نونبر 2016 أطلق نشطاء فسيبوكون من مدينة وزان ونواحيها حملة "بغينا_سكانير_ومشفى_إقليمي_فوزان"، في العالم الافتراضي، يستنكرون من خلالها الوضع الصحي بالإقليم، وكذا ما أسموه "صمت" المنتخبين والمسؤولين الساهرين على تدبير الشأن المحلي بالمدينة ذاتها؛ وهو ما اعتُبر إخلافا للوعود الانتخابية التي سبق أن رفعوها إبان حملاتهم الانتخابية. واستغل المطالبون مساحة من الموقع الأزرق للتعبير عن سخطهم وتذمرهم من الوضع الصحي "المعتل"، من خلال نشر وسم "بغينا سكانير ومشفى إقليميفوزان"؛ وذلك بهدف "التخفيف من معاناة المرضى الذين يتنقلون مئات الكيلومترات لتشخيص المرض الذي يعانون منه"، قبل أن يبادر العربي المحرشي، رئيس المجلس الإقليمي، إلى عقد ندوة في 31 من نونبر تفاعلا مع نبض الشارع ومطلب مشفى إقليمي يليق بساكنة المدينة بعد الحملة التي أفلحت في تصدر عناوين مواقع إخبارية وطنية. في 31 مارس 2017، احتضنت القاعة الكبرى للاجتماعات بعمالة إقليموزان مراسيم تسليم بقعة أرضية على مساحة 8 هكتارات إلى المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة، قيل إنها ستخصص لتشييد مستشفى إقليمي متعدد التخصصات يلبي حاجيات سكان المنطقة ويحد من كثرة تنقلاتها في سبيل البحث عن التطبيب والعلاج، وفق ما تمت المجاهرة به من وعود بعدما أخلف الحسين الوردي، وزير الصحة السابق، بوعده بتوفير بقعة أرضية لإنجاز المؤسسة الصحية واستمرار بيع الوهم في معرض جواب كتابي على عبد العزيز لشهب، برلماني الإقليم (تجدون جواب الوزير السابق رفقة المادة). وأوضح حينها مولاي عبد الله الصفي، المندوب الإقليمي السابق لوزارة الصحة بوزان، أن الوعاء العقاري المسلم من لدن المجلس الإقليمي سيخصص لإحداث مركز استشفائي متعدد التخصصات بطاقة استيعابية تصل إلى 210 من الأسرة. كما كشف المسؤول ذاته أن المركز الاستشفائي المذكور مبرمج من لدن وزارة الصحة، وستنطلق دراسته خلال الأشهر القليلة المقبلة، على أن تبدأ أشغال تشييده السنة الجارية، وأن الوزارة الوصية على القطاع الصحي في البلاد عملت على برمجة إحداث المركز الاستشفائي الإقليميبوزان، ورصدت اعتمادات مالية قدرت ب260 مليون درهم؛ 160 مليون درهم منها مخصصة للبناء، و100 مليون درهم المتبقية خصصتها للتجهيز، لتنزيل هذا المشروع على أرض الواقع. غير أن شيئا من هذا لم يتحقق إلى حد الساعة.. حالة من الحزن والأسى تخيم على ساكنة المدينة التي تعتبر المشروع الصحي مطلبا ملحا وآنيا، والملاذ الآمن للراغبين في التطبيب والعلاج. ويبدع الجميع في تحليل أسباب الإلغاء، فيما يبحث آخرون عن المستجدات. بيانات ولقاءات قرار الإلغاء في هذا الظرف الدقيق، والذي يتزامن مع بداية مناقشة والتصويت على قانونية المالية لسنة 2019، اعتبرته فعاليات جمعوية محلية يهدف إلى حرمان الساكنة من هذا الورش الصحي، وأن هناك "جهات سياسية معينة" تحاول العبث بمصالح المواطنين وحقوقهم عن طريق عرقلة هذا الورش الصحي، وذلك لأسباب وحسابات سياسيوية ضيقة؛ علما أن الخاسر الوحيد من هذا الصراع السياسي غير المجدي هي ساكنة إقليموزان، وفق صياغة بلاغ صدر على هامش لقاء نظم نهاية الأسبوع المنصرم. وطالبت الفعاليات ذاتها بضرورة عمل الحكومة على تخصيص الاعتمادات المالية في ميزانية 2019 من أجل الشروع في بناء مستشفى إقليميبوزان في أقرب وقت، مع الابتعاد عن منطق الإقصاء الذي تنتهجه تجاه الإقليم وإعمال مبدأ العدالة المجالية في توزيع المشاريع التنموية، وبالخصوص في القطاع الصحي، داعية وزارة الصحة إلى ضرورة توفير الأطر الطبية وشبه الطبية وكذا كل الوسائل اللوجيستيكية من أجل ضمان الحق في الصحة لساكنة الإقليم المعزول. غياب التنسيق وسخرية محمد فهد الباش، فاعل مدني، اعتبر خروج الكتابات الإقليمية لأحزاب العدالة والتنمية والاستقلال، وكذا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ببلاغات منفردة يفضح بما لا يدع مجالا للشك فشل الفرقاء السياسيين في توحيد الصفوف للترافع عن الملف بهدف بلورة تصور مشترك وخدمة مصلحة المواطن. وأضاف الفاعل الجمعوي ذاته أنه كان من الأجدر التنسيق بين كافة الأطراف المعنية من أحزاب سياسية ومدنية ومؤسسات منتخبة وممثلي الإقليم في البرلمان بغرفتيه إلى الانخراط الفعال للدفاع عن مصالح الساكنة والخروج بقرار موحد عوض سيادة التفرقة التي لن تزيدا الوضع إلا احتقانا، مؤكدا في الوقت نفسه أن وزير الصحة السابق باع الوهم لممثلي وساكنة إقليموزان. ولم يخل قرار تأجيل البت في محنة ساكنة دار الضمانة مع الوضع الصحي من تهكم وسخرية، فقد ارتفعت أصوات داعية إلى تخصيص الوعاء العقاري إلى مقبرة تستقبل أموات المسلمين، في وقت أشارت أصوات أخرى إلى وضعية البقعة الأرضية المخصصة لتشييد المركز الاستشفائي، والتي يستغلها أحد المواطنين في زراعة القمح.