تدخل السكة الحديدية في مفهوم الطريق العام، وهي بذلك مرفق عمومي يقضي القانون بتعويض ضحايا الأضرار المتسبب فيها. وينطبق الأمر هنا على حالة فاجعة "قطار بوقنادل" الذي انحرف عن سكته وخلف 7 وفيات وأكثر من مائة مصاب. لكن، وعلى عكس ما يعتقد، فإن التعويض عن حوادث القطارات يدخل ضمن اختصاص المحاكم الابتدائية وليس الإدارية، أي إن المتضررين من فاجعة "قطار بوقنادل" يمكنهم في إطار حق التقاضي التوجه إلى المحاكم العادية لطلب التعويض. وفي هذا الصدد، يشير المحامي محمد الهيني، وهو قاض سابق، إلى أن المادة 8 من قانون 90-41 المحدثة بموجبه محاكم إدارية استثنت دعاوى التعويض عن الأضرار المتسببة في الطريق العام عن مركبات أيا كان نوعها، يملكها شخص من أشخاص القانون العام، وأسند الاختصاص بالبت فيها إلى المحاكم العادية. وقال الخبير القانوني الهيني، في حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية: "تدخل في مفهوم الطريق العام السكة الحديدية، وإن كانت ملكاً للمكتب الوطني للسكك الحديدية فذلك لا يغير من طبيعتها العمومية، لذلك فمسؤولية المكتب الوطني للسكك الحديدية هي مسؤولية حارس الشيء لانحراف القطار عن سكته، وإخلاله بسلامة الركاب". وأوضح الهيني أن "الأساس القانوني لهذه الدعوى التي يرفعها الضحايا متمثلة في كون المكتب يتحمل مسؤولية الضرر تجاه المواطنين، لأنه ملتزم أيضاً بسلامة الركاب، بالإضافة إلى إيصالهم إلى وجهتهم". ويجرى تعويض المتضررين من حوادث القطارات على المستويين البدني والمعنوي بناءً على الخبرة التي تجريها المحكمة وتقدير هيئة الحكم؛ وذلك بالنظر إلى حجم الضرر ونسبة العجز ومصاريف العلاجات. ويؤكد الهيني أن رفع دعاوى للتعويض أمام المحاكم ضد المكتب الوطني للسكك الحديدية إجراء عادي يضمن حق التقاضي الذي نص عليه الدستور للحصول على الحقوق إثر المنازعات. في المقابل، يؤكد حسن باكو، المحامي في هيئة الدارالبيضاء، أن "المسؤولية عن الأضرار الناتجة عن النقل عبر السكك الحديدية هي مسؤولية عقدية نظمها المشرع في مدونة التجارة في الفصول الخاصة بعقد النقل من الفصل 443 وما يليه". وأوضح باكو، في حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذه المسؤولية العقدية "التزام برعاية وليس بوسيلة، والخطأ هو مفترض ويعفى الضحية من إثباته إلا في حالة القوة القاهرة أو الحدث الفجائي". ويضيف المحامي ذاته: "الناقل مسؤول عن كافة الأضرار الجسمانية والمادية اللاحقة بالضحية دون ما حاجة إلى إثبات خطأ الناقل، على اعتباره أن عليه قانوناً أن يوفر السلامة التامة للمسافر وأن يوصله في الوقت المحدد دون تأخير، وإلا يتحمل جميع الأضرار بما فيها فوات الكسب". ودرج المكتب الوطني السكك الحديدية في السنوات الأخيرة على تنفيذ الأحكام التي تصدر عن المحاكم بأداء التعويضات. وكانت أغلب الحوادث تتعلق بالرشق بالحجارة من الخارج، وسقوط المسافرين خلال الصعود أو النزول، إضافة إلى تأخر مواعيد وصول القطارات.