يصادف السابع عشر من أكتوبر من كل سنة "اليوم العالمي للتبرع بالأعضاء وزراعتها"، الذي أقرته منظمة الصحة العالمية عام 2005 احتفالا وتكريما لأولئك الذين تبرعوا بأعضائهم لإنقاذ حياة العديد من المرضى، وبهدف زيادة الوعي بأهمية ترسيخ ثقافة التبرع بالأعضاء البشرية في المجتمع. وتشكل عملية التبرع بالأعضاء عملا إنسانيا نبيلا قد يساهم في إنقاذ حياة الملايين من الناس ممن يعانون من أمراض مستعصية تصيب بعض الأعضاء الحيوية في الجسم، مثل القلب والرئتين والكبد والبنكرياس والأمعاء، وتعتبر خير تجسيد لمبدأ التكافل والتضامن والرحمة داخل المجتمع. ويعتبر المغرب من الدول العربية السباقة في مجال تقنين التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية؛ وذلك من خلال سن قانون 98-16 الصادر سنة 1999 المتعلق بتنظيم التبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية. وقد أدخلت الحكومة تعديلات على القانون المذكور، اتسمت بالصرامة والحسم في كل ما من شأنه التلاعب بالأعضاء البشرية من خلال الإجراءات المتبعة التي يتحمل فيها المشرفون على العملية مسؤولية كبرى للحيلولة دون محاولة الاتجار بالأعضاء. ومن بين الإجراءات التي أقرها القانون الجديد، "منع أخذ عضو لأجل زرعه من شخص حي قاصر، أو من شخص حي راشد يخضع لإجراء من إجراءات الحماية القانونية". ورغم التطور الملحوظ الذي شهدته جراحات زراعة الأعضاء والأنسجة بالمغرب، إلا أنه لا يتلاءم مع عدد الأحياء الذين يرقدون بالمستشفيات في انتظار من يهبهم الحياة. وفي هذا الصدد، تحدثت سامية العلمي، رئيسة الجمعية المغربية للتبرع بالأعضاء والأنسجة، عن أهمية التوعية بالتبرع بالأعضاء لإنقاذ حياة الآخرين، مبرزة المجهودات والمساعي التي تقوم بها الجمعية منذ تأسيسها سنة 2015 لتوعية المواطنين، وخاصة الشباب، بأهمية الانخراط في هذا العمل الإنساني. وقالت العلمي، إن العمل منصب على تقديم المعلومات الضرورية عن عمليات التبرع بالأعضاء والضمانات القانونية والدينية والطبية المرتبطة بها، مضيفة أنه يهم أيضا تعزيز الدراسات والبحوث حول التبرع بالأعضاء والأنسجة في المغرب. وعبرت رئيسة الجمعية عن أسفها لجهل المواطنين بأهمية التبرع بالأعضاء، وأرجعت ذلك إلى ترسخ معتقدات خاطئة، ووجود تخوف مجتمعي غير مبرر. وترى أن المغرب يمتلك مؤهلات طبية جد متطورة ومتقدمة في علاج أمراض عدة، "لكن ما يزال هناك انسداد فيما يتعلق بمسألة التبرع بالأعضاء". وجوابا على سؤال حول سبب لجوء أغلب المصابين بالقصور الكلوي على التصفية الدموية بدلا من الزراعة، أبرزت السيدة العلمي أن المسألة تتعلق بالجانب المادي بالدرجة الأولى، نظرا للتكلفة المرتفعة التي تتطلبها عملية زرع الكلى؛ "الشيء الذي يجعل الغالبية تلجأ إلى غسيل الكلى". وبمناسبة اليوم العالمي للتبرع بالأعضاء وزراعتها، أعربت الجمعية المغربية للتبرع بالأعضاء والأنسجة عن أسفها لقلة الفعاليات التي يتم تنظيمها بهذه المناسبة، إضافة إلى عدم وجود خطة وطنية لتشجيع التبرع وزرع الأعضاء على مستوى الوزارة الوصية. ويعتبر الجانب الديني من بين الأسباب الرئيسية التي تدفع المواطنين إلى رفض التبرع بأعضائهم بدعوى مخالفته للشرع، وهو الموقف الذي ما فتئ يفنده علماء الدين. وفي هذا الصدد، قال الأستاذ لحسن سكنفل، رئيس المجلس العلمي لعمالة الصخيراتتمارة، في تصريح مماثل، إن التبرع بالأعضاء هو قضية مستجدة نتيجة التقدم الطبي الذي سهل عملية نقل الأعضاء، مشيرا إلى اختلاف علماء الشريعة في عصرنا الحاضر حول هذه المسألة بين مجيز ومانع. *و.م.ع