انتقد مصطفى المرابط، رئيس مركز مغارب للدراسات في الاجتماع الإنساني، النخبة المدبّرة للشأن العام في المغرب، لعدم قدرتها على تدبير المشاكل المتراكمة، وقال إنّ المغربي "ابتُلي بنُخب ليست في مستوى تحديات البلد". وذهب المرابط إلى القول، في محاضرة ألقاها بمركز مغارب حول موضوع "العالم المعاصر إلى أين؟"، إنّ المغرب "مُقبل على مستقبل مخيف نتيجة اللامبالاة والانسحاب من الشأن العام، وعدم قدرة الدولة على الإنصات إلى صوت الشعب الذي لا يطفو إلى السطح، ولكنه يهيج في الأعماق". وأكد أنّ على النخبة السياسية المدبّرة للشأن العام الالتفات إلى ما يُعتمل من غضب في أعماق المجتمع قبل فوات الأوان، مضيفا "في الوقت الذي كنا ننتظر أن تتصدّر المشهدَ العامَّ شخصيات من المستوى الرفيع، قادرة على حلّ مشاكل البلاد، نجد أننا أمام شخصيات يوجد تفاوت كبير بينها وبين ما يمور في المجتمع". وأفردَ المرابط حيّزا مهما من محاضرته للحديث عن زواج المال بالسلطة، وخطورته على السّلْم العالمي، بسبب تحكم الرأسمالية في السياسة وتوجيهها، مما أدّى إلى تحكّم المالي في مصير الشعوب، بعد أن وصل إلى كراسي الحكم سياسيون قادمون من عالم المال، مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والفرنسي إيمانويل ماكرون. "هذه العلاقة هي التي جعلت اقتصاد السوق يتحكم في الديمقراطية، وأفضى إلى صعود شخصيات إلى مراكز القرار السياسي، أضحت أدوات في يد المؤسسات المالية"، يقول المرابط، مضيفا أن "القرارات لم تعُد تُتخذ في الأممالمتحدة، بل في صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومنتدى دافوس". وتوقف المرابط عند أحد أكبر التحديات التي تواجه العالم في الوقت الراهن، وهي الهجرة، قائلا إنّها أضحت ورقة سياسية في يد الشعبويين بالغرب، "في ظلّ غياب صوت الحكمة، وعدم تحلّي النخب الغربية بالشجاعة للاعتراف بأن الهجرة مُكتسب للمجتمعات الغربية". وحذّر المرابط من استمرار تصاعد صوت الشعبوية في البلدان الغربية، مضيفا أنّ الأصوات الشعبوية تؤلب المواطنين الأصليين على المهاجرين، وهو ما يمكن أن يؤدّي إلى صراعات داخلية أو حروب أهلية. واستطرد المرابط قائلا إنّ على المجتمعات الغربية ألّا تختار من الهجرة قوتها المادية فقط، "فالهجرة ليست هجرة أشياء، بل هجرةَ إنسان حاملٍ قيَماً وثقافة ومخيالا ووجدانا، وبالتالي يجب على المجتمعات الغربية أن تأخذ كل هذه الأبعاد"، يقول المرابط، مضيفا "نحن ننظر فقط إلى مشاكل الهجرة على البلدان المستقبِلة، لكننا لا نتساءل ماذا خسرت بلدان الأصل. هناك انهيار لكثير من الصناعات وأنواع الفلاحة والخبْرات والثقافات بسبب هذه النزوحات".