لمْ يدع رئيس البرلمان الألماني (البوندستاغ)، فولفغانغ شويبلة، فرصة لقائه بنظريه المغربي الحبيب المالكي، لتمرَّ دون أن يمرّر مواقف بلاده حُيال عدد من القضايا ذات البعد المشترك؛ فقد توقّف المسؤول الألماني عند تعقيدات ملف الهجرة والحدود الذي باتَ يقلق صناع القرار في برلين، كما عرّج على مفاوضات الصيد البحري، التي مازالت تراوحُ مكانها، دون أن يغفلَ ملف الصحراء الذي سيدخلُ أشواط حاسمة خلال الأسابيع المقبلة. وشدّد رئيس البوندستاغ الألماني في تعلقيه على مسار قضية الصحراء، التي ستشهدُ معارك دبلوماسية خلال الأيام القليلة المقبلة داخل أروقة الأممالمتحدة، على عزم ألمانيا من خلال ترؤسها لمجلس الأمن الدفع بمسلسل الحوار بإدماج كل الأطراف المعنية بشكل مباشر لمساعدة المبعوث الأممي هورست كولر على إيجاد حل متوافق عليه لتسوية الملف والتفرغ لقضايا التنمية والاندماج الإقليمي للمنطقة. وتوقف المسؤول الألماني عند ملف الهجرة الذي بدوره يتواجدُ في عمق الأجندات الثنائية بين الرباطوبرلين، وقال: "ألمانيا تتابع هذا الملف باهتمام كبير، واتخذت إجراءات متقدمة من أجل ضمان استقطاب وقبول عدد من الأجانب بسبب ظروف الحرب ومشاكل التنمية، ورغم الصعوبات السياسية الداخلية. لكن هذه الإجراءات لها حدود ولا يمكن أن تظل مطلقة". رئيس البرلمان الألماني لم يفوت فرصة لقائه بنظيره المغربي دون أن يؤكد دعم النواب الألمان والأوربيين لتجديد الاتفاق البحري، وأنه لا سبيل للتراجع في هذا الأمر، وزاد: "إذا حققنا تعاونا متقدما في كل هذه القضايا بشكل جيد فسنحقق تقدما كبيرا. وعلى الاتحاد الأوربي أن يقدم الدعم وأن يكون واضحا في سياساته التي يجب أن تكون ذات مصداقية". مزيد من الانفتاح ويرى المحلل الدولي محمد اشتاتو أن العلاقات المغربية الألمانية دائما ما كانت متينة منذ أكثر من 40 سنة، مردفا: "حتى قبل الاندماج الكلي بين الألمانيتين كانت الرباط تساندُ المعسكر الغربي في عدد من القضايا السياسية، لكن الجانب الاقتصادي ظلَّ دائماً مهمّشاً ولا يجدُ حيزاً وافراً داخل هذه العلاقات، إذ كان يمكنُ أن يصلَ هذا التعاون إلى أبعد مما هو عليه اليوم". وأضاف اشتاتو في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية أن "الموقف الألماني يبقى مهماً، خاصة في ما يتعلق بتعقيدات ملف الصحراء، فهو يساندُ عودة المفاوضات وإحياء العملية السياسية، كما يشيد بالتزام المغرب بإدخال إصلاحات تنموية في الأقاليم الجنوبية، مخصصا لهذه المشاريع أموالاً طائلة جعلت من قرى قاحلة مدنا كبيرة مؤهلة". ويعلق الباحث ذاته على دعوات الألمان إلى تسريع بروتوكول الصيد البحري قائلاً: "رغم أن برلين لا تستفيدُ بطريقة مباشرة من الاتفاقية، إلا أنها تساندُ العملية السياسية وترحب بأي تفويض أوروبي من أجل التوقيع النهائي على هذا الاتفاق"، مبرزا أن "على الرباط أن توسع شراكاتها مع ألمانيا لتشمل صناعة السيارات والصناعات الكيماوية والحربية". الموقف الألماني ثابت وسجَّل رشيد أوراز، الباحث في المعهد المغربي لتحليل السياسات، أنَّ ألمانيا من بين البلدان الأوربية التي يعتمل فيها موضوع الهجرة بشدة منذ أن فتحت الباب أمام الموجة القوية للمهاجرين السوريين؛ وقد أدى ذلك إلى تأثيرات كبيرة على الواقع السياسي في البلد، وأثر في حجم الأحزاب السياسية، إذ تراجعت الكتلة السياسية للمستشارة الحالية ميركل مقابل صعود الأحزاب المعادية للهجرة والتيارات اليمينية. وتبعاً لذلك، فبالنسبة للسياسيين الألمان يعتبر موضوع الهجرة ذا أولوية كبيرة أكثر من موضوع اتفاق الصيد البحري أو الاتفاقية الفلاحية بين المغرب والأوربيين. وفي الضفة الجنوبية يعتبر موضوع الهجرة السرية موضوعا رئيسيا في الساحة المغربية، سواء تعلق الأمر بالمغاربة أو المواطنين الأفارقة الذين يتخذون المغرب كطريق عبور. وعن قضية الصحراء، أردف أوزار بأنَّ "ألمانيا لا تغير موقفها كثيرا، بل هو شبه ثابت، وبالتالي لا تزعج المواقف الألمانية المغرب، الذي لا يحاول تغيير الموقف الألماني الحالي"، مستدركاً: "لكن في اللقاءات الرسمية لا بد أن يتم التطرق لكل الملفات"، مستبعداً لجوء المغرب إلى موضوع الهجرة من أجل تعديل الموقف الألماني حول الصحراء لصالحه، في إطار تبادل صفقات حول ملفات متشابكة.