قد يكون من المسلم به أن جميع الأطفال يمتلكون كثيرًا من الطاقة والقدرة على اللعب والحركة المستمرة تقريبًا طيلة النهار، إلا أن الأطفال الذين يعانون من اضطراب نقص الانتباه وفرط النّشاط أو ما يُعرَف بADHD يتجاوزون الحد المتعارف عليه، مضافة إليه قلة الانتباه. هو كابوسٌ حقيقي يعاني منه بعض الآباء والأمهات في البيوت المغربية بشكل يومي، ويجعلهم في الغالب يتصرفون بغير قليلٍ من التشنج والغضب الذي يصل إلى العقوبة، إزاء ما يرونه من قلة انتباه طفلهم المقرون بإفراط في النشاط والحركة، يزيد من جرعة التوتّر في الجو العام. عن علامات وجود هذا الاضطراب لدى الطفل تقول رجاء قيباش، "الكوتش" المغربية المتخصصة في المجال التربوي والأسري، إنها تبدأ بالظهور على الطفل في سنٍّ مبكرٍ، "لكن قد لا ينتبه الوالدان لذلك، ويعتبرانه أمراً طبيعيّاً"، مضيفة: "قد يكون الأطفال كثيري الحركة أو مختلفين عن أقرانهم دون أن يكون السّبب هو فرط النّشاط والحركة، وما يحدّد ذلك هو أن تكون مظاهر الحركة الزّائدة مستمرّةً دائماً، وفي أيّ مكانٍ يذهب إليه الطفل؛ ويجب أن تظهر عليه سلوكيّات الحركة الزّائدة لمدّةٍ لا تقلّ عن ستّة أشهر، قبل أن يُشخَّص على أنّه طفل يعاني من فرط النشاط". ومن هذه العلامات أيضا، تضيف قيباش، "ما يسمى السّلوك المتمركز على الذّات، إذ لا يهتمّ الطفل بمعرفة شعور الآخرين أو رغباتهم، فيقاطع حديثهم باستمرارٍ، وليست لديه مهارات التواصل، ويجد صعوبة في اللعبٍ مع أقرانه، يضاف إلى ذلك الاضطراب العاطفيّ؛ إذ يعاني الطفل من نوبات من الغضب في المواقف والأماكن غير المناسبة، إضافة إلى التّململ الكثير، وقلّة التّركيز والانتباه، وكثرة الأخطاء التي يرتكبها الطفل، مع ظهور علامات الشُّرود عليه في حالاتٍ معيّنة". أما عن أسباب اضطراب ADHD فتوضح "الكوتش" أنها "قد تعود إلى عوامل جينية وراثية، أو عوامل عضوية"، وزادت موضحة: "أثبتت الدّراسات أنّ الأطفال الذين يعانون من فرط الحركة لديهم اضطرابات في تخطيط الدّماغ تفوق الأطفال العاديّين، ولكن لم تُقدِّم الأبحاث أدلّةً فعليّةً على ذلك، إضافة إلى العوامل النفسيّة والبيئيّة كردّات الفعل التحسُّسيّة لبعض أنواع الأطعمة والمواد الصناعيّة". وبخصوص كيفيّة التعامل مع الطّفل كثير الحركة، تقول قيباش إن هناك أساليب عدّة من الممكن أن تساعد على تنظيم أداء الطّفل الذي يعاني من فرط النّشاط، كاختيار الأدوات والألعاب والوسائل التعليميّة المناسبة لحالته، ووضعه في بيئةٍ هادئةٍ، تخلو من المثيرات، فلا تكون فيها ألوانٌ كثيرةٌ، أو رسوماتٌ، أو ألعابٌ، وما إلى ذلك. وتوضح "الكوتش" أنه يجب تذكير الطفل باستمرارٍ بمراقبة الوقت، "إذ يعاني الأطفال المصابون بفرط النّشاط من شعورهم بمُضيِّ الوقت بسرعةٍ، مع ضرورة كسر المهمّات باستراحةٍ؛ وتقديم الجوائز للطّفل مباشرةً بعد تأدية المهامّ التي تُطلَب منه". أما عن طرق علاج فرط النّشاط وتشتُّت الانتباه، "فتتوزع بين علاج سلوكيّ، يعتمد على طرقٍ مختلفةٍ لتعديل سلوك الطّفل وتحسين أدائه، كالتنظيم الذاتي والاسترخاء العضلي والتدليك، وعلاج نفسي لتجنب ما قد ينشأ عند الطّفل أو المُراهِق من مشكلات نفسيّة أو مشكلات في علاقاته الاجتماعيّة؛ بسبب فرط النّشاط". توضح قيباش. ينضاف إلى ذلك، وفق المتخصصة في العلاج التربوي والسلوكي، "العلاج بالتّغذية، والذي يتركّز على تغيير النّمط الغذائيّ للطفل؛ وذلك بمنع الموادّ المُشبَعة بالألوان الصناعيّة والمُنكّهات الكيميائيّة والموادّ الحافظة، وتوجيه الطفل إلى تناول الطعام المفيد من الخضار، والفواكه، واللّحوم البيضاء، والأسماك. كما تحسن الأدوية الأعراض الأساسيّة المُصاحِبة لهذا الاضطراب، ولكن من عيوبها أنّ مفعولها يدوم لوقتٍ قصيرٍ، مع أعراض جانبية، كالأرق".