تعد جزر الكناري إحدى الوجهات السياحية الإسبانية الرئيسية بمعدل بلغ خلال السنوات الأخيرة 15 مليون سائح في السنة مما ساهم بشكل كبير في تحقيق الأرخبيل لطفرة اقتصادية جد مهمة. غير أن هذا الزخم في تدفق السياح الأجانب إلى الأرخبيل من أجل الاستمتاع بما يتوفر عليه من إمكانيات ومؤهلات طبيعية سجل خلال هذه السنة تباطؤا في منحاه التصاعدي نتيجة مجموعة من العوامل والإكراهات حيث يتوقع المهنيون والفاعلون الاقتصاديون والمستثمرون في القطاع تراجعا مهما في عدد السياح الوافدين على هذه المنطقة. وحسب بيانات معهد الإحصاء بجزر الكناري فقد سجلت الفنادق ومؤسسات الإيواء السياحي في الأرخبيل إلى غاية نهاية شهر غشت الماضي 4 ر10 مليون ليلة مبيت وهو ما يمثل انخفاضا قدرت نسبته ب1 ر6 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من عام 2017 وأكدت هذه المعطيات أن عدد ليالي المبيت التي قضاها السياح الأجانب بمختلف الفنادق والإقامات السياحية بالأرخبيل خلال نفس الفترة سجل تراجعا بلغت نسبته 8 ر 5 في المائة في حين انخفض عدد ليالي المبيت بالنسبة للسياح المحليين بنسبة 3 ر 7 في المائة مشيرة إلى أن عدد السياح الذين أقاموا بمختلف الفنادق ومؤسسات الإيواء خلال شهر غشت الماضي بلغ مليون و 342 ألف و 674 سائحا مسجلا بذلك تراجعا بنسبة 2 ر 2 في المائة مقارنة مع نفس الشهر من عام 2017 كما أن عائدات القطاع السياحي سجلت انخفاضا بنسبة 4 ر 3 في المائة لتستقر في حدود 366 مليون أورو . وفي تقريره حول النتائج التي سجلها القطاع خلال الشطر الثاني من السنة الجارية والذي تم تقديمه هذا الأسبوع، حذر الاتحاد الجهوي لرجال الأعمال في سانتا كروز دي تينريفي من التباطؤ الذي قد يسجله خلال هذه السنة القطاع السياحي الذي كان المحرك الرئيسي للنمو في عام 2017 وساهم في إحداث 45 ألف منصب شغل . وتوقع اتحاد رجال الأعمال أن ينتج هذا التباطؤ عن انتعاش الأسواق السياحية المنافسة مثل مصر وتركيا التي بدأت تستقطب السياح من الأسواق التقليدية الرئيسية التي كانت تتوجه إلى جزر الكناري خاصة من ألمانيا والمملكة المتحدة مشيرا إلى أن هذين السوقين تمكنا من الاستحواذ على 4 مليون سائح خلال الشطر الثاني من العام الحالي وهو ما يثير قلق المسؤولين عن هذا القطاع في الأرخبيل. وإضافة إلى الانتعاشة التي حققتها هذه الأسواق فإن المهنيين بجزر الكناري يشعرون بالقلق أيضا من تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي وانخفاض قيمة الجنيه الإسترليني مقابل العملة الأوربية وإفلاس شركة الطيران البريطانية إلى جانب الخصاص في ربابنة الطائرات لدى شركات أخرى مثل ( راينير ) الذي يؤثر على تنافسية الربط الجوي بالأرخبيل خاصة أن بريطانيا هي واحدة من الأسواق السياحية الرئيسية التي يتوجه مواطنوها كسياح إلى وجهة الكناري. وبالفعل فقد زار أكثر من 2 ر 5 مليون سائح بريطاني جزر الكناري خلال السنة الماضية وهو ما يمثل نسبة 33 في المائة من العدد الإجمالي للسياح الذين زاروا الأرخبيل. وقد بدأ هذا التراجع يظهر بالخصوص في حركة النقل الجوي الذي سجل انخفاضا خلال الفترة ما بين يناير وغشت قدرت نسبته ب 3 في المائة ( 570 ألف مسافر ) مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي. وتسعى المؤسسة العامة للحكومة المحلية لجزر الكناري المسؤولة عن الترويج لوجهة الأرخبيل في جميع أنحاء العالم إلى التقليل من تأثير هذا التراجع حيث أكدت ماريا مينديز مديرة المؤسسة في حوار مع صحيفة ( لابروفانسيا ) نشرته أمس الثلاثاء أنه على الرغم من التوقعات التي تشير إلى خسارة ما بين 900 ألف و 950 ألف سائح خلال هذه السنة فإن 2018 ستكون " ثاني أفضل عام في تاريخ السياحة في جزر الكناري " رافضة الحديث عن " كارثة " قد تحل بهذا القطاع. وشددت على ضرورة العمل من أجل تحسين القدرة التنافسية للأرخبيل في الميدان السياحي وتنويع الأسواق المصدرة للسياح لاسيما فرنسا وإيطاليا مشيرة إلى أنه يجري حاليا القيام بعمل كبير في هذا الاتجاه بمساعدة خارطة طريق تم اعتمادها وتنطلق من تحسين الربط بين جزر الكناري التي تعمل بها 90 شركة للطيران تمكن حاليا من ربط الأرخبيل ب 165 مطارا حول العالم بما لا يقل عن 867 رحلة جوية. وأضافت أن الحكومة المحلية لجزر الكناري تعمل أيضا على تحسين ربط الأرخبيل بدول مثل فرنسا وإيطاليا وكذا مع وسط أوربا وشرقها بالإضافة إلى الأسواق الرئيسية المصدرة للسياح وهي بريطانياوألمانيا. وأعلنت الحكومة مؤخرا عن إعداد مخطط استراتيجي خاص بالسياحة يمتد ما بين 2018 و 2025 بمساهمة حوالي 1500 من الخبراء والمسؤولين القطاعيين وممثلي المجتمع المدني. ويتعلق الأمر بخارطة طريق تستهدف تحديد وضبط مجموعة من الإجراءات والتدابير والبرامج (عامة وخاصة) من أجل النهوض بالقطاع السياحي وغيره من القطاعات الأخرى.