يستقطب المشروع الكبير لاستيراد الغاز الطبيعي المسال الذي شرع المغرب في إنجازه اهتمام كبار الموردين العالميين الرئيسيين، خصوصا في روسياوالولاياتالمتحدةالأمريكية؛ حيث قدمت وكالة التجارة والتنمية الأمريكية منحة مالية إلى وزارة الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة في المغرب من أجل القيام بدراسة جدوى لتقييم بناء محطة استيراد للغاز الطبيعي المسال ومنشأة لإعادة تحويل الغاز ستربط بين خط أنابيب المغرب العربي وأوروبا. وكشف بيان رسمي صادر عن الوكالة، التابعة لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن الشركة الأمريكية "lixia Capsia Gestionis LLC" هي التي ستتكلف بإعداد الدراسة في المغرب لتحديد المواقع المحتملة لتطوير محطة استيراد الغاز المسال ومنشأة إعادة تحويل الغاز لتوريد ما يصل إلى 5.3 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً، بالإضافة تطوير خط أنابيب يربط محطة الاستيراد المرتقبة بخط أنابيب المغرب العربي–أوروبا المعروف ب"MEG". وقال توماس هاردي، مدير وكالة التجارة والتنمية الأمريكية، إن "المشروع الجديد سيساعد على تلبية الطلب المتزايد على الغاز الطبيعي في المغرب، مع خلق فرص عمل جديدة للشركات الأمريكية". وأضاف المسؤول نفسه أن الغاز الطبيعي يلعب دورا مهما لتنويع مصادر الطاقة وأمنها، موردا أن الدراسة الجديدة ستعطي للسلطات المغربية نظرة واقعية حول محطة استيراد الغاز الطبيعي المسال المستقبلية، خصوصا على مستوى تنفيذ استراتيجية المغرب الطاقية. من جانبه، قال المدير التنفيذي للشركة التي حظيت بالصفقة، ماثيو ميريديث: "إننا نتطلع إلى العمل مع الحكومة المغربية، ممثلة في وزارة الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، لتعزيز أهداف الطاقة ودعم تنفيذ استراتيجية الطاقة الوطنية في المملكة". الصفقة الاقتصادية بين الرباط وواشنطن من شأنها أن تعزز التعاون بين البلدين. وبهذا الخصوص، قالت القائمة بالأعمال في سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية في الرباط، ستيفاني مايلي، إن "الحكومة الأمريكية فخورة بدعم تنويع مصادر الطاقة في المغرب ومساعدة البلد على توفير الطاقة الحديثة الموثوقة والفعالة لمواطنيه". "نحن نتطلع إلى رؤية نتائج دراسة الجدوى قبل الشروع في إطلاق محطة الغاز الطبيعي المسال، ومواصلة التعاون الممتاز بين بلدينا في قطاع الطاقة، كما هو الحال في العديد من المجالات الأخرى"، تضيف المسؤولة الأمريكية. وكان المغرب أطلق قبل سنوات مشروعا ضخما لاستيراد الغاز الطبيعي المسال وتوسيع استعماله في غضون 2021. ويهدف "مشروع تنمية الغاز الطبيعي المسال" إلى إنجاز البنية التحتية الأساسية لاستقباله وإعادته، وكذا نقله واستخدامه في إنتاج الطاقة الكهربائية في المرحلة الأولى، ثم قطاع الصناعة في المرحلة الثانية. ويأتي الاتفاق الأمريكي المغربي عقب زيارة مثيرة للجدل قام بها سكوب بروت، رئيس وكالة حماية البيئة الأمريكية، إلى المغرب، في دجنبر 2017، حيث كشفت حينها وسائل إعلام أمريكية أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تجري مفاوضات مع مسؤولين مغاربة من أجل تصدير الغاز الطبيعي، في إطار خطة جديدة للهيمنة الطاقية على بلدان شمال إفريقيا، خصوصا في ظل منافسة روسيا لها في هذه الأسواق. وسبق لروسيا أن عبرت بشكل واضح على هامش الزيارة التي قام بها ديمتري ميدفيديف، رئيس الوزراء الروسي، إلى المغرب، عن استعدادها للمشاركة في بناء خطوط ومحطة للغاز الطبيعي المسال في البلاد، لكن المنحة الأمريكية إلى المغرب حول المشروع ذاته تعني أن المغرب اختار الشريك الأمريكي. ويرى مراقبون أن الخطوة الهامة يمكن أن تكون من بين العوامل الأساسية لفسخ المغرب ارتهانه بالغاز الجزائري، خصوصا في ظل جمود العلاقات الاقتصادية بين البلدين بسبب نزاع الصحراء المفتعل.