أزمة جديدة تلوح في الأفق على مستوى التحالف الحكومي بين حزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، إثر تصاعد وتيرة التراشق بالكلام وتبادل الاتهامات بين قيادات الحزبين؛ فبعد دعوة سليمان العمراني، نائب الأمين العام ل"البيجيدي"، "حزب الأحرار" إلى الانسحاب من الحكومة، رد مصطفى بايتاس، عضو المكتب السياسي ل"التجمع"، بالقول: "نتواجد في الحكومة بقرار سيادي وفقا لميزان القوة وليس صدقة من حزبك". وكان نائب العثماني وجه رسالة شديدة اللهجة إلى القيادي في "الأحرار" رشيد الطالبي العلمي، بعد كلمته في افتتاح الجامعة الصيفية لشبيبة حزبه في مراكش. وقال العمراني: "أتساءل لماذا أنتم باقون في حكومة يقودها حزب بالمواصفات التي ذكرتَ؟ ولماذا تبقى هذه الحكومة أصلا؟ شيء ما ليس على ما يرام". ووجه بايتاس رسائل سياسية قاسية إلى الحزب الذي يقود الحكومة، موردا في رسالته الموجهة إلى العمراني: "لا ننتظر منك أو من بعض إخوانك أن يقرروا لنا متى نستمر أو ننسحب من الحكومة، فلا ينبغي أن تغفلوا أن تشكيل الحكومات والأغلبيات في بلادنا وفي العالم كله له أعراف دستورية ومساطر سياسية خاصة. ليس من السهل بتاتا إطلاق التصريحات على عواهنها بهذا الخصوص". وحول تصريحات وزير الشباب والرياضة التي اعتبرها العمراني لم تحترم ميثاق تحالف الأغلبية الحكومية، أوضح بايتاس أن هذه التصريحات لا تدخل في هذا الإطار؛ "لكون الميثاق جاء واضحا متعلقا بتنسيق العمل الحكومي وعمل الأغلبية ولم يتحفظ على إبداء أي طرف لآرائه السياسية"، وزاد مستدركا: "وإلا كنا أول من يغضب عندما كان قياديون كبار عندكم يتناوبون على مهاجمتنا بشكل منتظم وعنيف، من شيوخ ونساء وشباب، وكنا عندها نحفظ الود ونترفع عن صغائر السياسة". واستطرد بايتاس بأن "الطالبي العلمي كان يعبر بحكم تجربته في تدبير الشأن العام عن إفلاس نموذج اقتصادي وصل التضخم فيه حوالي 20% وتدهورت قيمة عملته الوطنية وأصبح نموذجا لا يمكن الاقتداء به". واعتبر المتحدث أن ما صدر عن زميله في الحزب يقره كل الخبراء المستقلين، بينما ما يصدر عن "البيجيدي" من تصريحات بين الفينة والأخرى يتجاوز اللباقة، مردفا: "يستعمل قاموس الحلال والحرام، ويصفك بأنك تجسد كارتيلات المال الحرام، أو يطالبك بالرحيل لأنك فاسد أو لأنك تمارس "الشوافة" في الحياة السياسية، والتي جاءت على لسان رئيس الحكومة السابق والأمين العام السابق لحزبكم"، وتابع: "لقد وصل السيل الزبى أمام هذه التقية الميكيافيلية وأمام تبادل الأدوار هذا، والذي لا يمت لقيم الإسلام بشيء. ومع ذلك ينطبق عليكم المثل الشعبي العميق ضربني وبكى سبقني وشكا". ومن الهجومات الحادة على "الأحرار"، يضيف بايتاس، "تهجمات عبد العالي حمي الدين الذي حكم على حزبنا بالنهاية، وعبد العزيز أفتاتي الذي وصفنا بكارتيلات المال الحرام، والناس تفهم وتعي ما معنى كارتيلات، مستعملا لغة ذات رمزية دينية ليمارس نوعا من التسلط على عقول الناس، ما يطرح التساؤل مجددا حول قدرتكم على ممارسة السياسة بدون اللجوء إلى الدين والعواطف". من جهته اعتبر عبد الحفيظ بوسيف، عضو المجلس الوطني للتجمع الوطني للأحرار، أن مواقف حزب العدالة والتنمية في علاقته بحلفائه عرفت العديد من التقلبات حسب الظروف السياسية التي تعيشها البلاد. وأضاف بوسيف، في "تدوينة فايسبوكية" موجهة إلى "البيجيدي": "التجمع لن يركب قطار الابتزاز كما تفعلون، ولن نقول لكم هذا وطننا لوحدنا، ولكن نقول إن مشروعنا المجتمعي يسع جميع أطياف بنات وأبناء الوطن، وعنوانه الثقة في النفس وقدرات المواطن ومقدرات الوطن"، قبل أن يدعو إلى "القطع مع كل أشكال التيئيس والتدليس والبؤس والتبخيس..".