تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات تحبس الأنفاس يظهر فيها مجموعة من القاصرين والشباب والنساء راكبين قوارب الموت هدفهم الوصول إلى الوجهة الأخرى (أوروبا) دون معرفة العواقب، هذا يدلنا على إستفحال ظاهرة أقل ما يقال عنها إنها خطيرة، ألا وهي الهجرة غير الشرعية التي تؤدي في غالب الأحيان إلى الموت، أو إلى عملية الاتجار بالبشر، بمعنى أن هناك عمليات عديدة تكون على أساس عمل تهريبي إلا أنها تصبح في آخر المطاف عبارة عن تجارة بالبشر. ولمزيد من الإيضاح، فالمهاجر غير الشرعي يهاجر من أجل الوصول إلى الديار الأوروبية، إلا أنه يجد نفسه ضحية لعصابات الاتجار بالبشر، وبالتالي هناك علاقات قوية بين عصابات التهريب وعصابات الاتجار بالبشر، التي تعطينا جريمة منظمة. والهجرة تعني في أبسط معانيها حركة الإنتقال من مكان إلى آخر بحثا عن وضع أفضل، اجتماعيا كان أم اقتصاديا أم دينيا أم سياسيا، وهي ظاهرة عالمية موجودة في الدول المتقدمة منها والنامية، ساهمت إلى حد كبير في إعمار الأرض ولعبت دورا هاما في نشر السلام، والتعرف على عادات وتقاليد وثقافات وحضارات الشعوب المتنوعة والمختلفة، بما يسهم في تعميق العلاقات بين شعوب العالم. وفي السياق ذاته، إن الهجرة غير الشرعية، حسب المفوضية الأوروبية، هي "ظاهرة متنوعة تشتمل على جنسيات دول ثلاث يدخلون إقليم الدولة العضو بطريقة غير شرعية عن طريق البر أو البحر أو الجو، بما في ذلك مناطق العبور في المطارات، ويتم ذلك عادةً بوثائق مزورة، أو بمساعدة شبكات الجريمة المنظمة من مهربين وتجار، وهناك عدد من الأشخاص الذين يدخلون بصورة قانونية وبتأشيرة صالحة لكنهم يبقون أو يغيرون غرض الزيارة فيبقون دون الحصول على موافقة السلطات، وأخيراً هناك مجموعة من طالبي اللجوء السياسي الذين لا يحصلون على موافقة على طلبهم لكنهم يبقون في البلاد". وظاهرة الهجرة غير الشرعية كباقي الظواهر لها أسبابها وحلولها. أسباب الهجرة غير الشرعية كثيرة هي أسباب الهجرة غير الشرعية ومتنوعة، وتشمل مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ليس الفقر وحده هو الذي يحرك الشباب للجوء إلى الهجرة؛ فهناك أسباب اخرى تتجلى في تفشي البطالة (قلة فرص العمل)، وانخفاض الأجور ومستويات المعيشة، وما يقابله من ارتفاع مستوى المعيشة؛ الشيء الذي يؤدي إلى فقدان الشباب الأمل في إيجاد فرص العمل، سواء في تخصصاتهم أو حتى في غيرها، ورؤية بعض الشباب لما حققه آخرون من نجاحات بعد سفرهم بطريقة شرعية أو غير شرعية، وعدم وجود مشاريع قوية يلتف حولها الشباب، ووعدم الملاءمة بين التكوين والتشغيل، وعدم وجود مبدأ تكافؤ الفرص، وبالتالي انتشار الواسطة والمحسوبية وانعدام العدالة الاجتماعية في المجتمع. وكذا الفوارق الاقتصادية بين البلدان المتقدمة ونظيرتها النامية. ويعتبر الربيع العربي الذي كانت نتائجه جد وخيمة من الأسباب الرئيسية في تفشي ظاهرة الهجرة، بحيث نجد مجموعة من الدول أصبحث غير مستقرة سياسيا؛ ما جعل عددا من المهاجرين يستغلون تدهور الوضع الأمني ويلجؤون إلى الهجرة بوسائل غير قانونية وغير مشروعة، كذلك فشل الحكومات في السير بعجلة التنمية، ولا ننسى تدهور الأوضاع الأمنية في العديد من دول شمال إفريقيا بتواجد ما يعرف بقضايا أقليات ونزاعات إقليمية. سبل معالجة ظاهرة الهجرة غير الشرعية للتصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعية، أو بالأحرى التقليل منها، يجب اتخاد مجموعة من التدابير التي يمكن إجمالها في الآتي: - عمل الحكومة على تسريع وتيرة التنمية، واتخاذ خطوات للحد من البطالة بتوفير فرص الشغل للشباب، التي تعتبر من الحقوق الأساسية المكفولة في أسمى قانون للبلاد وفي المواثيق الدولية. - الملاءمة بين التكوين والتشغيل من خلال تأهيل الشباب في عدد من المجالات وفق احتياجات سوق الشغل، وتشجيع الاستثمارات الوطنية والأجنبية، ومحاربة الهدر المدرسي. - استغلال الرأسمال اللامادي (الشباب)، والاستثمار في طاقاته وتنمية مواهبه وتشجيعه على الريادة والابتكار وإعطائه الفرصة في التعليم، بما يؤهله لسوق الشغل ويخلق له فرصا جديدة بالشراكة مع القطاع الخاص ويكرس مسؤوليته الاجتماعية. - تعزيز التعاون الإقليمي، لا سيما مع الدول المجاورة، بغية التصدي للعصابات وشبكات تهجير الشباب. وفي نهاية كلامنا، نود القول إن العديد من الدراسات أكدت أن معظم المهاجرين غير الشرعيين ينحدرون من دول العالم الثالث، بحيث يغادرون بلدانهم سعيا إلى الوصول إلى الدول المتقدمة (أوروبا والولايات المتحدةالأمريكية) لتحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية. *باحث بماستر العلوم الأمنية وتدبير المخاطر – جامعة الحسن الأول - سطات