يتضح من خلال الأحداث والمتغيرات التي يمر منها المغرب في الآونة الأخيرة أن البلد يعيش أزمة خانقة، أزمة لم تقتصر على الجانب السياسي، بل تعدته إلى جوانب اجتماعية واقتصادية وقيمية . بالأرقام والمؤشرات، خاصة تلك التي رصدتها التقارير الدولية، وآخرها تقرير التنمية البشرية لسنة 2018 الصادر عن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي الذي وضع المغرب في ذيل الترتيب (الرتبة 123 )؛ فإن البلد يعيش على إيقاع تراجعات مخيفة في سياق دولي يعرف تغييرات في السياسة الدولية. في ظل هذا الوضع، يستمر المغرب السياسي على العزف على "أنشودة" المفارقة الكلاسيكية، مضمونها التناقض الصارخ بين فحوى السياسات العمومية الرسمية، التي ما فتئت تظهر بوادر التنمية والمخططات التنموية، والواقع الفعلي المزري الذي أضحى يعيشه المغاربة، ولعل موجة هجرة الشباب إلى إسبانيا مؤخرا لدليل على ذلك. لقد أظهر هذا الواقع فشل كل الأطروحات الرسمية، خاصة تلك التي برزت إبان فترة الربيع العربي في نسخته المغربية. وهنا أخص بالذكر كلا من أطروحة الاستثناء المغربي، وأطروحة الإصلاح في ظل الاستقرار، وفزاعة مقارنة المغرب بسوريا... بما أن الواقع السياسي المغربي يعيد نفسه، وبما أن التراجعات تتكرر وتعيد نفسها أيضا، خاصة أمام تجارب مقارنة حققت المنشود، فإننا بحاجة إلى دعوة حقيقية إلى إصلاح يمس ركائز الدولة المغربية الحديثة، ولا يستثني أي طرف قد يعطل مسيرة التقدم والتنمية والدمقرطة في البلد. صفوة القول لم يعد للدولة المغربية أي مبررات أو خيارات لربح الزمن والاستمرار في هذا "العبث السياسي"، لأننا نمر بمرحلة مفصلية، مرحلة أدرك من خلالها جل المغاربة حقيقية السياسة التنموية بالبلد، بل أكثر من ذلك حقيقة وطن اسمه المغرب!!. *باحث مغربي مقيم بالولايات المتحدةالأمريكية. [email protected]