استهدفت حملة أمنية ربيع 2018 أدوات الدعاية عبر الإنترنت لتنظيم الدولة الإسلامية، لكن بعد أربعة أشهر من ذلك يقول خبراء إن المتطرفين الناشطين عبر الإنترنت تأقلموا ومازالوا نشطين وخطرين. وباتت العناصر المتطرفة تستخدم أكثر المواقع غير التقليدية والشبكات الاجتماعية الخاصة ومواقع التراسل المشفرة السرية (دارك نت وديب ويب) لبث خطب قادتهم والدعوات إلى الجهاد والتعليمات بتنفيذ اعتداءات. وفي 27 أبريل 2018 كان روب وينرايت، مدير الشرطة الأوروبية (يوروبول)، يشيد بأنه "سدد ضربة كبيرة لقدرات تنظيم الدولة الإسلامية في نشر دعايته عبر الإنترنت وتجنيد شبان في أوروبا". فبعد عامين من التحقيق، تدخلت الشرطة في وقت واحد في ثماني دول (بلجيكا وبلغاريا وكندا وفرنسا وهولندا ورومانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) لحجز خوادم ومعدات إلكترونية. وقال وينرايت: "وُجهت ضربة إلى قدرة تنظيم الدولة الإسلامية على تطوير معداته الإرهابية". لكن في 22 غشت، وبعد أن بث قائد التنظيم الجهادي، أبوبكر البغدادي، بسهولة عبر الإنترنت خطابا يزعم فيه أن تنظيمه قائم وسيستمر، بدا أن ما قاله قائد الشرطة الأوروبية ليس دقيقا. ففي بضع دقائق، بحسب دراسة لمنظمة غير حكومية أميركية (كونتر اكستريمزم بروجكت)، تم نقل خطاب البغدادي الذي بث عبر موقع "تلغرام" عبر 21 موقع ويب على الأقل؛ ما جعله غير قابل للمحو. تجزئة الدعاية وكتبت المنظمة غير الحكومية الأميركية قائلة: "يعد اللجوء إلى شبكات اجتماعية غير تقليدية تطورا بالنسبة لتنظيم الدولة في مواجهة حملات قوات الأمن"، مضيفة أن "الوكالات على غرار انتربول لم تتمكن إلا جزئيا من منع تفشي رسائل المتطرفين عبر الإنترنت". وتابعت أن "أنصار التنظيم الجهادي عبر الإنترنت يحاولون العثور على وسائل جديدة تتيح لهم عدم التعويل حصريا على المواقع الحاضنة التقليدية التي قد تكون معادية". وفي منتصف غشت، أشار خبراء المنظمة الأميركية إلى أن الناشطين الجهاديين عبر الإنترنت باتوا يفضلون "منصات التخزين السحابية" التي كثيرا ما ترتبط ببرمجيات تشفير لبث وثائقهم، مع جعل مراقبتها صعبة. وفي هذا السياق، تم نشر وثيقة "بي دي اف" باللغة العربية تصف كيفية تصنيع متفجرات قوية، عبر "تلغرام" في 13 غشت، ونشرت في اليوم ذاته على عشرة حسابات مؤيدة لتنظيم الدولة الإسلامية على "تلغرام" متضمنة نصوصا وصورا. وأوضحت لورنس بيندنير، وهي إحدى مؤسسي موقع "جهاد سكوب" المتخصص، أنه "يمكن رسم خط مواز بين ما يجري على الأرض وعبر الإنترنت. فعندما كان التنظيم قويا ميدانيا ولم تكن كبرى المواقع على غرار فيسبوك وتويتر قد وضعت أنظمة مراقبة، كان تنظيم الدولة الإسلامية يحتل الفضاء الافتراضي". وأضافت: "ثم فقد معاقله في سوريا والعراق وتحول إلى هيكلية تتخذ أكثر شكل عصابات تنشط في السر (...) وبالتوازي حالما بدأت المواقع بالمراقبة والحجب وحذف آلاف الحسابات، اتجه الناشطون إلى منصات أكثر سرية وإغلاقا على غرار تلغرام". وفي تدوينة حديثة على موقع "أولتيما ريسيو"، التابع لمركز دراسات الأمن بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أكد رافييل غلوك ولورينس بيندنر أنه "إزاء تزايد مراقبة المنصات الكبرى التي وضعت خصوصا أدوات ذكاء اصطناعي، نوّع تنظيم الدولة الإسلامية منافذه من خلال تسريب محتويات إلى مواقع أقل شهرة، وأحيانا غير معروفة، لا تملك موارد كافية تخصصها للرقابة". وأضافا: "نحن بالتالي إزاء تجزئة الدعاية الجهادية التي باتت معزولة أكثر بالتأكيد عن الجمهور الواسع، لكن أكثر تشتتاً، وبالتالي تصعب السيطرة عليها أكثر من ذي قبل". أ.ف.ب