يطمح المغرب إلى تعزيز علاقاته التجارية مع العملاق الصيني، بعد تخصيصه حوالي 60 مليار دولار لتمويل مشاريع تنمية في إفريقيا في السنوات الثلاث المقبلة؛ خلال القمة الأخيرة المنعقدة في بكين. وشارك المغرب في قمة "فوكاك" بوفد مهم ترأسه سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، ومحسن الجزولي، الوزير المنتدب المكلف بالتعاون الإفريقي، وعثمان فردوس، كاتب الدولة المكلف بالاستثمار، ووفد من رجال الأعمال المغاربة يمثلون مختلف القطاعات، برئاسة صلاح الدين مزوار رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب. وعبر المغرب، خلال القمة الصينية الإفريقية، عن رغبته في تحسين مناخ الأعمال بالمغرب لفائدة المستثمرين المغاربة والأجانب، داعيا إلى تيسير توجيه استثمارات إضافية نحو القارة الإفريقية، تنفيذا للسياسة الإفريقية التي حرص الملك محمد السادس على إطلاقها. وباتت الصين، في السنوات الأخيرة، أول شريك اقتصادي للقارة الإفريقية، حيث وصلت قيمة المبادلات بينهما إلى نحو 170 مليار دولار، خلال العام الماضي 2017، بزيادة بلغت نسبتها 14.1% على أساس سنوي. وبالرغم من أن القمة الإفريقية الصينية، التي يشارك فيها المغرب، هي متعددة الأطراف مع دول إفريقية عدة؛ فإن الرباط تضع صوب عينيها توجيه التعاون بين البلدين نحو القارة السمراء، حيث توجد المملكة المغربية باستثمارات مهمة. مصطفى الرزرازي، رئيس الجمعية المغربية للدراسات الآسيوية ومدير المركز الإفريقي للدراسات الآسيوية، يرى أن رغبة المغرب في تعزيز العلاقات الثنائية مع الصين وجذب المزيد من الاستثمارات الصينية بالمغرب انطلقت منذ سنوات، خاصة بعد الزيارة الملكية في القمة السابقة. الخبير المغربي في الشؤون الآسيوية والأستاذ في عدد من الجامعيات الصينية أوضح أن القمة هي فرضة لتعزيز مكانة المغرب داخل النسيج الإفريقي خاصة نسيج الأعمال، الذي كان موضوع حديث رئيس الحكومة مع عدد من الفاعلين الصينيين. وأشار الرزرازي، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أن انخراط المغرب في مخطط "الطريق الحرير" (وهو ممر التجارة الذى استخدمته الصين من أجل زيادة تبادلها التجاري مع بلدان جنوب آسيا وغرب آسيا وأوروبا وشمال أفريقيا)، من شأنه أن يسهل عملية الشراكة الثنائية بين الرباطوبكين في الاستثمارات الإفريقية. ويورد المتحدث أن المغرب انتقل من مرحلة الاعتماد على المساعدات والقروض الدولية الموجهة نحو القارة السمراء إلى مرحلة الشراكة الثنائية، لافتا إلى أن "المملكة تدخل ضمن المدرسة التي ترفع شعار الاستثمار والتجارة بدل المساعدات؛ لأن المغرب يراهن أكثر على الاستثمارات وعلاقات رابح رابح التي تتجاوز التعاون الضيق". ويعتبر الباحث في الشؤون الآسيوية أن "التعاون بين الصين والمغرب في إفريقيا يمكن أن يعتمد على شراكات ثلاثية الأبعاد؛ الرباط بمناخها الذي يتميز بالاستقرار، وبكين التي توفر أسطولاً تجاريا وتقنيا وماليا كبيرا، ثم الفضاء الإفريقي الذي يمكن للمغرب أن يلعب فيه دور الوسيط". "الصين تطمح، اليوم، إلى النفوذ والتوسع الاقتصادي في إفريقيا على حساب عدد من الدول الغربية؛ لكن هذا الطموح لا يمنع من أن مشروع الطريق الحرير يشمل حتى شراكة مع دول أوروبية وليس فقط إفريقية"، يضيف الأكاديمي الرزرازي، الذي توقع أن تدمج الصين ضمن مراحل متقدمة في آليات وجودها الإفريقي شركاء أوروبيين. يذكر أن الصين تمثل ثالث شريك تجاري للمغرب، بقيمة مبادلات إجمالية تقدر ب39,5 مليار درهم سنة 2016، أي بتطور سنوي يعادل 18,2 في المائة في المتوسط بين 2001 و2016.